بعض من كانوا حتى فترة قريبة «يلعلعون» ويملؤون الساحة ضجيجاً بتصريحاتهم النارية وتعليقاتهم ويفعلون كل شيء كي يظهروا في الصورة ويصيروا «معبودي الجماهير» ورموزاً، لم يعد يسمع لهم «حس»، تواروا ولم يعودوا يصرحون أو يشاركون في الفعاليات الجماهيرية التي كانت بالنسبة لهم فرصاً مهمة، لذا صار من الطبيعي أن يثار السؤال عن السبب، هل هو وصولهم إلى مرحلة اليأس واتخاذهم قراراً بينهم وبين أنفسهم برفع الراية البيضاء، أم أنهم حصلوا من جهات معينة على ما هو أفضل مما كانوا يرمون إليه وتوصلوا إلى صفقة ما أكسبتهم ما ينفعهم، أم أن الأمر لا يعدو استراحة محارب وتبادل أدوار وتكتيكاً؟ليس الحديث هنا عن شخص بعينه ولكن لابد أن الناس إجمالاً لاحظوا انزواء البعض من هؤلاء ممن هم في بالهم -من الذين هم في الداخل أو من المقيمين في الخارج- وابتعادهم عن الساحة بل إن البعض منهم لم يعد حتى يغرد على «تويتر» ولا يعلق على تطورات الأحداث.غياب بعض الأسماء عن الساحة صار ملحوظاً، فهؤلاء كانوا يشغلون الساحة بتصريحاتهم وبمشاركاتهم في الفعاليات وكانوا يلمعون وينظر البعض إليهم على أنهم الأمل والطريق إلى الخلاص. قلّ نشاطهم ومشاركاتهم في الفعاليات وتراجعت نسبة تصريحات بعضهم إلى الصفر، ولا يتوفر حتى الآن ما يوضح ذلك للناس. أليس من حق الناس الذين استغلوا اسمهم وقضيتهم أن يسألوا عن سبب اختفاء أو تراجع هؤلاء عن الساحة؟ أليس من حق الناس أن يسألوا عما إذا كانوا قد توقفوا بسبب أنهم حصلوا على ما يريدون الحصول عليه أم جبنوا أم باعوهم؟مثل هذه الأسئلة، من حق الناس الذين أعلوا من شأن أولئك في فترات سابقة وظنوا أنهم الرافعة التي ستنقلهم من الضيق إلى الوسع، وتوفير الإجابات واجب على كل الجهات ذات العلاقة والتي شاركت أولئك في التحدث باسم الناس وهو واجب على كل من انزوى بعد أن لمع.البعض من أولئك كان يصف عبر مواقع التواصل الاجتماعي كل ما يقوم به من أفعال ونشاطات من لحظة استيقاظه من النوم وحتى لحظة وضع رأسه على الوسادة آخر الليل، وعندما يسافر يملأ «تويتر» بالتغريدات التي يصف فيها حتى سير حقيبته على مسار الوزن في المطار، بينما يتناقل الكثيرون تلك التغريدات وكأنه فرض واجب عليهم، أما إن تعطل هنا أو هناك فتشتعل المواقع بذلك «الحدث» ويحرّم البعض على نفسه النوم حتى تزول أسباب التعطل. أما التصريحات التي يدلي بها هذا البعض فكانت ملزمة للجميع الذين يؤمنون بأنها «كاملة الأوصاف».اليوم اختفى عن الساحة سين وصاد وعين، واختفى غيرهم رغم أنهم يتمتعون بحرياتهم، واليوم صار الناس يتساءلون عن سبب خفوت أصوات هؤلاء وانزوائهم وتغير أحوالهم، وصار لابد من معرفتهم لما يدور من حولهم، على الأقل كي يعرفوا كيف يتعاملون معهم حتى لا يظلموهم ولا يصيروا هم المظلومين والمضحوك عليهم.أسماء عديدة اختفت عن الساحة أو على الأقل قلّ نشاطها ومشاركاتها وتصريحاتها، فهل هذا يعني أن أمراً ما تم الاتفاق عليه في الخفاء مع الجهات المعنية في السلطة وسيتم الإعلان عنه لاحقاً؟ أم أنه تمهيد لمثل هذا الأمر ورسائل وإشارات للسلطة بغية تشجيعها على استغلال المساحة المشتركة التي يمكن الانطلاق منها نحو الحل النهائي للمشكلة؟ليس معقولاً أن يتوقف أولئك عن كل ما كانوا يقومون به فجأة من دون سبب، ومن المؤلم أن يكونوا قد ضحكوا على الناس طوال الفترة الماضية أو قرروا الظفر مقابل تراجعهم بـ«الخروج من المولد بشيء من الحمص».
Opinion
اختفاء «معارضين» عن الساحة
24 نوفمبر 2015