قيل إن انتفاضة السكاكين توقفت بدليل تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تصريحه بإمكانية الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية. ثم تم طعن عدة صهاينة يوم 20 نوفمبر 2015. وفي تقديرنا أنها لم تتوقف بل كان الفلسطيني يبحث عن حجر يسن به خنجره. وكغيري أنفر من كل قراءة تخاتل المنطق لتقلل من عظمة حرب سكين ضد مدفع. فحين يملك عدوك كل شيء، ولا تملك إلا القناعة بالحفاظ على حياتك، ومع ذلك تتدرج في التصدي له، من الإرباك حتى الوصول إلى التوازن الاستراتيجي فذلك أمر ينتزع التقدير. وحتى نؤصل المفاهيم نبين أن التوازن يعني أن تتكافأ القدرات السلوكية لتضمن الردع.فرغم أن حفر الأنفاق عملية يدوية شاقة، إلا أن الفلسطينيين تبنوا هذا الأسلوب وقاموا بعمليات نوعية مثل «عملية الوهم المتبدد» في 25 يونيو 2006، وكانت عملية اختراق حدودية جريئة، استهدفت مواقع لجيش الصهاينة على الحدود الشرقية لمدينة رفح حيث قام الفلسطينيون بإطلاق قذيفة على برج المراقبة تبعها تبادل إطلاق نار، استشهد على أثره اثنان من المقاتلين الفلسطينيين، وقتل اثنان من الجنود الصهاينة، وجرح 5، وأسر الجندي جلعاد شاليط. لقد كانت الخنادق على الحدود الإسرائيلية إبداعاً عسكرياً ضيق مساحة التفوق الصهيوني، وقلل فرق التوازن الاستراتيجي، بدليل الارتباك الذي أصاب المخطط الصهيوني، فأصدر حزمة إجراءات غير متزنة شملت عملية اعتقالات عشوائية واسعة وغارت جوية على القطاع استهدفت حتى محطة توليد الكهرباء، بل إن قوات جيش العدو أصبحت لا تسير إلا بتشكيل يضم إلى جانب المدرعات والمروحيات الجرافات لتدمير المباني والأنفاق، والتي دفعت الصهاينة لإجراء اختبارات على تقنيات لكشف أي حركة أو فجوات تحت الأرض أو ما ينتج عنها من خلخلة في التربة باستخدام أنفاق تجريبية في قاعدة جنوب فلسطين المحتلة. وبعد محاولة الصهاينة تدنيس الأقصى بمشروع التقسيم المكاني والزماني، استل الفلسطينيون السكاكين بناء على معلومات من ملف صهيوني قديم يؤكد أن موت جندي أو مستوطن جديد هو نقطة ضعف لدى الصهاينة، وأن الضغوط التي تمارسها الأمهات الفاقدات لأبنائهن على المؤسسة العسكرية المحتلة ورئيس الوزراء ذات أثر واضح، يقابلها رغبة في الشهادة لدى الشابات والشبان الفلسطينيين. لقد كان المنحى الاحتوائي الذي تبناه الصهاينة -حين تعرضوا لامتحان القوة في معركة السكاكين- هو تحرير قواعد الاشتباك من كل قيد وقتل المرأة حتى لو ردت يدها لجيبها لإخراج هويتها. وبدل أن يفرض مشهد قتل امرأة نفسه على الضمير الإنساني، امتشق الغرب المنافق تسجيل كاميرات المراقبة بلا صوت أو لون ليجرنا إلى إشكاليات غاية في التعقيد تحت اسم منتجهم المسمى «الإرهاب».لقد كانت انتفاضة الحجارة أول توازن استراتيجي مع العدو، ولن يجف خيال المقاومين الفلسطينيين عن خلق توازن مع الصهاينة ودفعهم لتجرع حصتهم اليومية من المنغصات المرعبة. فسكاكين القدس هي ترقية للحجر «ابجرايد Upgrade» الذي استخدم في الثمانينات في الانتفاضة. وهي مع أنفاق غزة توازن استراتيجي مع الصهاينة أجبرهم على إعادة صياغة عقيدتهم القتالية لقصور بنودها عن توفير حلول للحجر والنفق والسكين.
Opinion
التوازن الاستراتيجي بالسكاكين
25 نوفمبر 2015