رئيس مجلس الوزراء الموقر ونائب رئيس مجلس الوزراء الموقر..تحية طيبة وبعد:نحتاج إلى «قوات للتدخل السريع» تنقذ المستثمر وتنقذ رواد الأعمال من صعوبة وتعقيد الإجراءات الحكومية، ما عاد «التوجيه» كافياً فما عادت سياسة «التوجيه» مجدية، نأسف لهذا القول لكننا مضطرون أن نتحدث بمنتهى الصراحة لأن الوضع لا يحتمل.تشخيص المشكلة والعلم بها معروف للجميع ومنذ 2005 وفي ورشة إصلاح سوق العمل تحديداً حين عرضت مشكلة الإجراءات المعقدة كواحدة من تشوهات السوق وعقبات الاستثمار بمنتهى الصراحة، هنأنا نائب الرئيس حينها على جرأة المكاشفة، واستبشرنا خيراً لأن أول الطريق إلى العلاج هو الإقرار بالمرض.ومرت عشر سنوات وتأسس مجلس التنمية الاقتصادية وطرحت الرؤية الاقتصادية 2030 وطرحت فكرة السجادة الحمراء بدلاً من العقدة الحمراء كناية عن التسهيلات بدلاً من التعقيدات و.. و.. ولكنها جميعها ذابت واختفى أثرها وعادت العقد لتتجمع مرة أخرى أمام المستثمر ورائد العمل وتسد منافذ تدفق المال للسوق تماماً كما تتجمع خلايا الدم المنجلية عند المفاصل وتسد تدفق الدم، لدينا يا سمو الرئيس ويا سمو نائب الرئيس عقدة تحتاج لتدخل سريع لإنقاذ الانسداد، لدينا «اقتصاد» قائم على البيروقراطية!!نعم البيروقراطية أصبحت مورداً اقتصادياً بحد ذاتها، له جنوده التي تحارب السجادة الحمراء وتمنع فرشها، البيروقراطية تقف وراء تضخم الجهاز الوظيفي فتعتاش أسر من وظائف لا تنتج وليس لها داع في موقعها فبإمكان شخص واحد القيام بعمل أربعة أشخاص «يكشون الذبان» في وظائفهم، هؤلاء سيحاربون بكل ما يملكون تسريحهم أو إحالتهم للتقاعد، بل بالعكس زادوا وتكاثروا وأصبح للبطالة المقنعة عنوان هو «الحكومة».البيروقراطية تولد فساداً تعتاش منه أسر ايضاً فالرشاوى مقابل التسهيلات نتيجة حتمية ومتوقعة ولا نستغرب حدوثها وهناك من يعتمد على هذه الرشاوى كدخل ثابت رتب أمور حياته والتزاماته منه، وهؤلاء لن يدعوا هذا «الرزق» يتسرب من بين أيديهم بسهولة بل سيحاربون من أجله. البيروقراطية ولدت نشاطاً اقتصادياً مدراً ومربحاً وهو «التخليص» لأن تخليص المعاملات يحتاج لأشخاص متفرغين يتقاضون مقابلاً مادياً، وبدلاً من التوجه لتخليص المعاملات إلكترونياً عدنا للوراء بل أصبح للمخلص شبكة علاقات عامة داخل الدوائر الحكومية تعتاش معه على هذه الوظيفة، فكيف ستحل جميع هذه العقد «بالتوجيه»!!ثم توجيه لمن؟ لأشخاص مع شديد احترامنا لهم وهم الوزراء، ماذا يمكن لشخص أياً كانت نزاهته وقدرته وذكاؤه أن يفعل لمعالجة هذا الأخطبوط المتشعب الأيدي والمتوالد والمتكاثر لوحده؟الثابت إلى الآن أن الحلول التي اتخذت منذ عشر سنوات إلى اليوم من المؤكد أنها غير مجدية، الثابت إلى الآن أن «التوجيه» ووزارة للمتابعة وكل الجهود المخلصة التي بذلت ليس لها أثر في الإجراءات الحكومية المعقدة، وسيبقى الحال على ما هو عليه إن لم نتحرك بشكل غير تقليدي وغير مسبوق.لهذا أيها السادة الكرام نحتاج إلى غرفة عمليات، غرفة أزمات تنعقد للتدخل السريع، تنعقد بشكل دائم يومي، وتبدأ اليوم وليس غداً ولا تعود لبيتها إلا بعد أن تحل العقبات العالقة الحالية لجميع المستثمرين ورواد الأعمال، وتعمل في ذات القوت لوضع أسس جديدة لحل هذه العقبة الخطيرة تغني عن وجود غرفة التدخل السريع.نحتاج إلى غرفة تنعقد على مدى 24 ساعة متفرغة فقط لحل أزمة السجادة الحمراء، بمتابعة حثيثة ولصيقة للتنفيذ تفتح لها المكاتب الحكومية 24 ساعة ويؤتى بالموظف من بيته إن استلزم الأمر، فلدينا أصحاب وظائف يرون في مناصبهم تشريفاً لا تكليفاً ولدينا رؤساء لجان لا يجتمعون لسفرهم الدائم ولدينا كبار المناصب وصغارها يؤخرون المعاملات بلا إحساس بالمسؤولية، أقل معاملة تأخذ لها شهوراً إن لم يكن سنة وأكثر، هؤلاء بحاجة إلى «نفضة» لا «توجيه» يسمع دويها القاصي والداني تضعهم على مكاتبهم حين يرون كبار المسؤولين مجتمعين بلا توقف، نحتاج لتفرغ تام لمعالجة هذه العقبة التي إن حلت لوجدنا تيار الاستثمار وريادة الأعمال يتدفق ماؤه ليحيي الشرايين التي جفت في السوق من هذا الانسداد المزمن.
Opinion
«التوجيه» ما عاد كافياً
25 نوفمبر 2015