كل عام يحل الشتاء علينا ونحن نبحث عن المطر، نقرأ النشرات الجوية التي غالبها يبشر بالغبار فنسأل أين المطر؟! يتساقط على الجيران من دول الخليج قبلنا ونحن ننتظر، حتى المطر شكله «زعلان» من الميزانية ويطبق «التقشف» علينا. لكن، حين يسقط المطر علينا، وكعادته السنوية يكشف معه المستور. عشت في بريطانيا البلد الممطرة على الدوام عامين، يسقط المطر أحياناً بغزارة، لكننا لم نكن نراه يتجمع بشكل يحول تجمعاته لبحيرات، تصريف المياه هناك يتم بشكل سلس وسريع، عبر شبكة تصريف غير طبيعية في عملها، حتى مع الثلج لا توجد لديهم مشكلة. لكن البحرين، نقول دائماً حينما يتحسن الجو بأنه «جو لندني»، لكن شتان، هناك المطر حين يسقط يكون ضيفاً خفيفاً، وهنا يظهر معه كل سوءات الشوارع ونظافتها، ويكشف معه ضعف البنية التحتية ومشكلة هندسة الشوارع وحتى المجمعات السكنية، وطبعاً عن شبكة التصريف لا تسأل. الأمطار التي تساقطت علينا ليلة أمس الأول كشفت الكثير، بيوت دخل على أهاليها الماء، سيارات وصلت المياه لسقوفها، جدار مدرسة تهاوى، مدرستنا العريقة الرفاع الشرقي الثانوية، أسقطه المطر، ولم تسقطه «شقاوة» أجيال من الطلبة، ولا هواة «التسلق» وخبراء «شقحات الشردة». لكن ما رأيناه من مشاهد، وما علمنا به من بعض سكان منطقة «وادي السيل» وبعض المجمعات السكنية الجديدة في المملكة أمر يعجز اللسان، إذ كيف بمشاريع جديدة يفترض أنه تم هيكلة وهندسة شبكات الصرف فيها بشكل متقن أن يصل مستوى تجمع المياه فيها لهذا الشكل المقلق؟! وعلى فكرة هي مشكلة تكررت لديهم قبل عامين. حتى بعض مشروعات الإنشاءات السكنية التي لم تسلم بعد، دخل إليها الماء بحسب ما تم تداوله. لا يمكن مع ما شاهدناه بالأمس أن نقبل بخروج أي مسؤول لدينا ليقول «الأمور تحت السيطرة» أو «الأمور طيبة»! لا الأمور ليست بطيبة ولا بخير، اسألوا الناس الذين تضرروا في بيوتهم وممتلكاتهم. والله يحز في النفس أن نرى بحريننا الحبيبة بهذه الصورة، البلد الجميل الذي يتحول فيه المطر من نعمة إلى نقمة، وأستغفر الله على هذا القول، بلد المليون نخلة تحولت إلى بلد المليون «نقعة»! والله نقولها بقهر. وهنا رجاء، لا تهونوا من المشكلة، ولا تقولوا أخذنا احتياطاتنا للتعامل معها، الاحتياطات تؤخذ تحسباً لأمور غير اعتيادية خارجة عن الإرادة والسيطرة، أما تكدس المياه المتكرر في نفس المواقع، وتزايد «النقع» بما يشوه صورة البلد ويؤذي الناس، فهي مشكلات يمكن أن توجد لها حلول تنهيها، وهو الأمر الذي نطالب به المسؤولين بأن يوجدوا لها حلولاً نهائية، من منطلق تحمل المسؤولية.