ما يعجبني في طريقة عمل «المجلس الأعلى للمرأة» أنه مؤسسي بجدارة، وهذا ما نفتقده في العديد من الهيئات والوزارات الرسمية رغم أن المجلس لا يملك الصلاحية التنفيذية ولا الميزانية لذلك إنما هو هيئة «توصيات» إن صح التعبير، إلا أن عمله الدؤوب وتواصله مع الجهات التنفيذية «بمأسسة» هو ما حقق تطبيق وتنفيذ معظم الأهداف التي وضعها المجلس.فالمجلس بعد أن حدد أهدافه الواحد تلو الآخر منذ لحظة تأسيسه، أعلن عنها وهي موجودة لمن أراد الرجوع لها، لم يتركها دون أن يضع لها الاستراتيجية الشاملة ومن ثم يتبعها مباشرة ببرامج تنفيذية وتحديد الشركاء المنفذيين، ومن ثم يحدد المجلس إدارة للمتابعة والتقييم المستمر، وما يلبث أن يتحقق الهدف وفق جدولته الزمنية خاصة إذا كان هذا الهدف مرتبطاً بفعاليات دولية كما جرى حين التزم المجلس بالرد على تقرير السيداو، فكان رداً مهنياً احترافياً بجدارة نافح فيه عن سمعة البحرين واسمها.دعك من الخلاف أو الجدل حول الأهداف وطبيعتها وعدم الاتفاق على أولوياتها، هل تمكين المرأة سياسياً أولاً؟ أو تمكينها اقتصادياً أولاً؟ فأيما كان الهدف، إنما مؤشر قياسنا اليوم لامتداح المجلس الأعلى للمرأة هو أن أسلوب ومنهج عمل المجلس كمؤسسة معنية بتحقق أهداف ما هو ما أوصلها للأهداف في الفترة الزمنية المحددة، وذلك يعد إنجازاً لأي مؤسسة خاصة في البحرين لأن هذا ما نفتقده في العديد من مؤسساتنا الحكومية وزارات وهيئات، فكل وزاراتنا لها أهداف وجميعها تضع برامجها لتحقيق هذه الأهداف وتخصص لها ميزانية، إنما نسبة الإنجاز هي المقياس لتقييم العمل المؤسسي ضعيفة في العديد منها يشهد بذلك الحساب الختامي ويشهد بذلك الأداء العام.ليست هناك أهداف وضعها المجلس منذ بداية تأسيسه ومن ثم اكتفى بتكليف فلان أو فلانة بتنفيذها، ليست هناك أهداف وضعها ثم ترك فلانة هي و«شطارتها» وغفل عن متابعتها إلى ما قبل الموعد بأيام أو شهر ومن ثم يسأل «ها فلانة شصار على هذا الموضوع أو ذاك»؟ هذا ليس عمل مؤسسات، مع العلم أن جميع الأهداف سيعود أمر تنفيذها للوزارات والهيئات الحكومية، والسؤال كيف ينجح المجلس في دفع الوزارات والهيئات لتنفيذ توصياته، ويعجزون هم عن تنفيذ برامجهم؟ما يعجبني أن كل هدف تعلن هذه المؤسسة أنها بصدد العمل على إنجازه يتبعه فوراً نشر وإعلان للاستراتيجية التي توضع لتحقيق هذا الهدف لجعل المجتمع بمؤسساته وأفراده شركاء معها، تعلن الاستراتيجية وتحدد البرامج لتطبيقها، والجهات التي سينوط بها تنفيذها، والجدول الزمني لإنجازها، والإدارات التابعة للمجلس التي ستتابع تنفيذ هذه الأهداف، ثم لا يكتفي المجلس بذلك بل تعقد الاجتماعات التقييمية بشكل دوري، ويدعو الإعلام في أول الطريق وفي منتصف الطريق وفي آخره ليأخذ بالآراء ويكمل المسيرة.مع العلم أن المجلس الأعلى للمرأة لا يملك سوى تقديم التوصيات، صحيح أنها مدعومة دعماً مباشراً من جلالة الملك، لكن اللجوء لجلالته لم يتم إلا نادراً، وغالباً ما نجح المجلس في الوصول مع الجهات التنفيذية بتحقيق أهدافه التي حددها من خلال التواصل المباشر ومن خلال برامجه الواقعية ومتابعته الحثيثة، وهنا تكمن قصة النجاح. أرجو ألا نتحسس من موضوع المقارنات والمقاربات بين المؤسسات البحرينية والوزارات والهيئات والمجالس، فلا يجب أن يغيب عن بالنا أننا في نهاية المطاف نمتدح مؤسسة بحرينية لا تملقاً ولا نفاقاً، فبغض النظر عمن يتولى رئاسة هذه المؤسسة، وأيما كان على رأسها فسيكون ذلك موقفنا، إنما نحتاج أن نعزز قصص نجاحاتنا في البحرين ونسلط عليها الضوء ونفرح بها ونفخر بها وندعو بقية المؤسسات للاقتداء بها.ختاماً نهنئ سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة ومعها الشيخة مريم بنت حسن والأستاذة لولوة العوضي والأستاذة هالة الأنصاري وعضوات المجلس السابقات والحاليات ومعهن الطاقم الإداري كله بشبابه وشاباته الذي يعمل كخلية النحل في كل فعالياته.