لقد كانت موجة الأمطار التي هطلت على المملكة خلال الأيام القليلة الماضية أمطار خير وبركة، ارتوت منها الأرض بعد طول انتظار، كان المواطنون يدعون الله أن يسقينا الغيث الذي هو رحمة من عند الله، إلا أن البعض وللأسف الشديد يتذمرون من هذه النعمة التي تفتقدها الكثير من البلدان، إذ نرى في تلك البلدان إما قحطاً وجفافاً يموت به الإنسان والحيوان، أو أمطاراً غزيرة تغرق الأخضر واليابس، وهذا بمثابة العذاب، فنحن ولله الحمد نعيش في منطقة الخليج التي حباها الله سبحانه وتعالى بخير وموارد طبيعية، ويجب أن نحمد الله على هذه النعم التي تفتقدها الكثير من الدول حولنا، وعلى رأسها نعمة الأمن والأمان.موسم الأمطار بدأ هذه المرة بشكل مخالف ومغاير عن كل السنوات الماضية، فقد كانت هناك تحذيرات من قبل الجهات المعنية في الدولة كإدارة الأرصاد الجوية أو الدفاع المدني في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ومن شدتها خلقت الذعر والخوف في نفوس المواطنين والمقيمين وكأننا سوف نغرق وتوقعنا أن يحدث بنا كما حدث في الأردن أو سلطنة عمان أو المملكة العربية السعودية، إلا أن الأمطار التي وصلت إلى 22 ملليمتر، وهي ليست غزيرة، ولكننا كالعادة نرى أن الشوارع في معظم مناطق المملكة أصبحت بحيرات من المياه بعد بضع دقائق من نزول المطر وهذا يدل على أن البنية التحتية من تصريف مياه الأمطار غير مستعدة لمثل هذه الأمطار التي تعتبر بسيطة مقارنة بما هطل على دول الخليج الأخرى.وعلى الرغم من كل تلك التحذيرات لم تكن وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني مستعدة لهذه الأمطار، حتى إنها لم تخصص صهاريج كافية لشفط المياه قبل هطول الأمطار التي توقعها كل شعب البحرين واستعد لها وكأن فيضانات ستحدث، والوزارة كأنها في عالم آخر، فقد خصصت فقط ثلاثة صهاريج في المحافظة الجنوبية بعد أن انتهى هطول المطر، حتى إن هناك بعض الأهالي في الرفاع قاموا بطلب صهاريج على نفقتهم الخاصة، لتشفط برك المياه التي تجمعت أمام منازلهم، في حين أن ذلك هو دور وزارة الأشغال وشؤون البلديات وفي الأساس كان لابد ومنذ سنوات أن يتم الوقوف وبشكل جاد على حل مشاكل تجمع مياه الأمطار التي اعتاد الناس عليها مع دخول موسم الشتاء.وهذا هو ما جعل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء يأمر كل من وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني ووزارة الإسكان برفع تقرير شامل لمجلس الوزراء في جلسته المقبلة التي ستعقد بعد غد والذي نتمنى أن يتم اتخاذ قرار حاسم ينهي معاناة الكثير من الأسر التي تذوق الأمرين كل عام مع هطول الأمطار، التي أصبحوا يروها وللأسف الشديد نقمة عليهم بدل أن تكون نعمة، وهذا بسبب إهمال وتسويف الجهات المعنية في الدولة والتي يقع على عاتقها وضمن مسؤوليتها أن تضع حداً لتلك المعاناة السنوية.رئيس الوزراء أمر أيضاً أن يرفع في التقرير لمجلس الوزراء الأسباب التي أدت إلى حدوث ما شهدته بعض مناطق البحرين جراء هطول الأمطار، والإجراءات التصحيحية التي يجب اتخاذها لتلافي حدوثها مستقبلاً، ونحن وكل من تضرر مع هذه التوجيهات من سمو رئيس الوزراء الذي لم يتوان عن التوجيه والأمر بسرعة بحل المشاكل والصعوبات التي تقف في طريق المواطنين، وهو دائماً يدعو ويحث الوزراء بالنزول للشارع وتفقد احتياجات المواطنين، وهذا الأمر بلا شك يأتي في إطار ما يوليه رئيس الوزراء من اهتمام بتحسين وتطوير الخدمات وتأمين المتطلبات الضرورية لجميع مناطق المملكة على كافة الأصعدة.* همسة: تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي باختلافها صوراً تنتقد عدم وجود بنية تحتية يمكنها أن تواجه الأمطار التي تهطل حتى وإن كانت بكميات قليلة، فتلك الصور كانت فكاهية تتندر وتقارن بحيرات وبرك مياه المطر في البحرين مع سواحل المالديف أو البندقية!
Opinion
الأمطار تعري البنية التحتية!
28 نوفمبر 2015