لن يقبل أهل البحرين بهذا الوضع الذي وصلوا إليه لأنه ببساطة ليس طبيعياً ولا يليق بهم ولا بالبحرين التي هي دائماً مثال للتعايش والتآخي ونموذج يهتم العالم بدراسته ويحاول تقليده، والأكيد أنه لا مفر من العودة إلى حيث كان الجميع يعيشون معاً على قلب رجل واحد. لكن هذا يحتاج إلى إرادة وعزم وقرار جريء يشترك فيه الجميع وينفذه الجميع ويحتاج إلى استعجال لأن التأخر فيه من شأنه أن يزيد من الشرخ الذي صار المجتمع البحريني يعاني منه ويزيد من تعقيد المشكلة أكثر وأكثر، فهذا النوع من المشكلات يتسبب في الكثير من الأذى لو طال.مجتمع البحرين بحاجة اليوم إلى ثورة على الوضع الذي صار فيه، وطالما أن الجميع صار يعاني من هذا الذي صار فيه هذا المجتمع، وطالما أن الجميع أيقن أن الذي حدث لم يوصل من قام به إلى ما كان يرمي إليه، لذا فإن مسألة التمرد عليه لن تكون صعبة ولا تحتاج إلا إلى إرادة وقرار وتحديد ساعة الصفر. اليوم يعاني كل أهل البحرين من الحال التي صاروا فيها وصارت فيها البلاد، والمنطق والعقل يفرضان التوقف والمراجعة والتعاون على تغيير هذه الحال بالعودة إلى ما كانت عليه، حيث الواقع يؤكد أنه لا يمكن لطرف أن ينتصر على الأطراف الأخرى مهما فعل، ويؤكد أنه لا يمكن لأسلوب أن ينهي المشكلة ويعلن انتصار طرف. ما يخرج البحرين وأهلها من هذه الحال هو تيقن الجميع بهذه الحقائق والعمل معاً على إعادة المجتمع إلى ما كان عليه، وهذا ممكن وليس مستحيلاً كما يعتقد البعض. اعتراف من قام بما قام به في فبراير 2011 بأنه لم ينجح وإدراكه بأنه لن ينجح مهما أعاد المحاولة أساس مهم يمكن أن يبنى عليه، والتسامح والتغاضي عن كثير من الأمور من قبل مختلف الأطراف ذات العلاقة أساس آخر مهم أيضاً يعين على التوصل إلى النقطة التي يمكن الانطلاق منها إلى الحل النهائي. مهم جداً أن يعرف من قام بتلك الخطوة في ذلك التاريخ أنه لن يتمكن من تحقيق ما يصبو إليه مهما حدث، فدول مجلس التعاون محصنة جيداً ولا يمكن قبول تغيير من هذا النوع الذي يشغل بال أولئك وبالتالي لا يمكن أن يحدث مهما حصل وأياً كان الدعم الذي يحصلون عليه وأياً كان الداعم. هذا الأمر ينبغي أن يكون الآن واضحاً وسبباً للتوقف والمراجعة والعودة إلى العقل والمنطق، فلا مجال للاستمرار لأنه لن يوصل إلى مفيد. بعد تأكد الجميع من كل هذه الحقائق وهذا الواقع صار لزاماً العمل بطريقة مختلفة واستغلال كل فرصة تحين لتغيير هذه الحال، وليس أفضل من المناسبات الوطنية والاستفادة من العواطف الجياشة التي تغلفها وتموج بها للبدء في مثل هذه الخطوة، لذا فإن المأمول أن تستفيد الأطراف ذات العلاقة بالمشكلة من فرصة احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد في ديسمبر الخير لتحقيق هذه الغاية، ويكفي قيام بعض الأطراف بإصدار بيانات واتخاذ قرارات تعين على التهدئة ليشعر الجميع أنهم يقتربون من الباب المفضي إلى الحل النهائي والذي يحظى برضى الجميع. ليس مهماً من يبدأ الخطوة الأولى لتحقيق هذا الأمر فالمهم أن تكون هناك بداية لنصل إلى النهاية المأمولة والتي تعيد بلادنا ومجتمعنا إلى ما كان فيه. في السياق نفسه ينبغي أن يتوقف البعض الذي لا يزال أسير أحلامه عن عمليات التخريب التي تعود أن يمارسها في هذا الشهر بمحاولة فرض مناسبات لا علاقة لها بمناسبة العيد الوطني بحجج واهية تعيق كل خطوة إيجابية قد تخطوها الأطراف ذات العلاقة.