اقتراح وزير المالية بإنشاء «صندوق التوازن» وهو صندوق مثل صندوق الأجيال موارده من اقتطاع مبلغ من بيع كل برميل نفط كي تستخدمه الحكومة (للطوارئ) حين الحاجة، يذكرنا باقتراح أخوة يوسف حين جاؤوا لأبيهم يقترحون عليه أن يسمح لهم بأخذ أخيهم معهم لمصر حتى يزدادوا عدداً وتزيد كمية المساعدة التي تخصص لهم فقالوا له (ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير) فكان جوابه لهم (قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل..)!!مع شديد احترامنا ودون شخصنة للموضوع فالأمر لا يتعلق بعدم ثقتنا بوزير المالية شخصياً الذي نكن له الاحترام والتقدير إنما بعدم ثقتنا بحسن استخدام الحكومة لهذا المبلغ نظراً لاهتزاز الثقة بالسياسة الاقتصادية للدولة من جهة والسياسة المالية من جهة أخرى، والثقة لا تبنى إلا على الشفافية والمصارحة والمكاشفة، لهذا لا يمكن أن نعيد تكرار تجربة أوصلتنا إلى ما نحن عليه من دين عام يزداد سنة تلو الأخرى دون أن نعرف أين صرفنا قرضنا السابق، ومتى وكيف سنسدد عجزنا في ميزانيتنا الحالية، فهل نعيد الكرة؟ نحن بالكاد نجحنا في استثمار ما يقتطع للأجيال القادمة وحققنا 41 مليون دينار، فهل نضعها تحت يد الحكومة تسحب منها للطوارئ، إلا كما وضعنا تحت يدها ملياراً ولم نعرف كيف صرف وكيف زاد ديننا ولم يقل؟نحن إلى الآن لم نحصل على جواب أين ذهبت بقية القرض الذي اقترضناه بقيمة مليار دينار عام 2011 في حين كان عجزنا 30 مليون دينار فقط، وهذا السؤال قد تم طرحه من قبل جمال فخرو النائب الأول لمجلس الشورى في 23 ديسمبر 2013 وها قد وصلنا إلى ديسمبر 2015 ولم نحصل على الجواب بعد (للتذكير الحساب الختامي لعام 2011 مر على النواب حينها قبل الشورى كما تنص اللائحة الداخلية وكالعادة لم يسأل أحد من النواب هذا السؤال، ولكنه طرح في الشورى.. الشورى هو الغرفة المعنية الذي تسابقتم لسحب الاختصاص الرقابي اليتيم الذي كان يتمتع به وهو حق السؤال)!!الأمر يصيبنا فعلاً باكتئاب وإحباط لا بسبب ضعف استخدام الأدوات الرقابية أو صعيد عدم الثقة بحسن استخدام الحكومة للمال العام فحسب، إنما أيضاً لضعف المبادرات الحكومية ومحدوديتها لمعالجة العجز والدين.فحين يتحدث أحد المسؤولين البحرينيين من ذوي الاختصاص المالي أو الاقتصادي سواء أن كان المسؤول وزيراً للمالية أو أياً من أعضاء مجلس التنمية الاقتصادي أو رئيسه التنفيذي، في أي موقع كان الحديث، في مجلس النواب رداً على سؤال النواب، أو مصرحاً هذا المسؤول للصحافة منتدياً أو مؤتمراً، فإن الأنظار كلها تتجه له بانتظار أن تسمع إجابة هذا المسؤول عن الأسئلة الملحة التي طرحت من قبل المواطنين في الآونة الأخيرة للاستفسار عن خطة الدولة لزيادة مواردها وتنويعها، أو خطتها للتقليل من اعتمادها على البترول كمصدر للدخل، أو خطتها لتخفيض عجزها وتسديدها للدين العام، نريد أن نعرف ما الذي سيتفتق عنه ذهن المسؤولين عن تنمية مواردنا، ولكن هذه الأنظار تعود خائبة منتكسة لأن الخيارات التي تطرحها الدولة لا تتفق وحجم الأزمة أو المشكلة أو التحدي (اختر التوصيف الذي يتناسب مع حالتك النفسية) فهذه المبادرات مازالت محصورة في إعادة تدوير ذات الموارد، بتقليصها للمصروفات حيناً وبتوفير بعض منها حيناً آخر كهذا الاقتراح، وحتى الأفكار المطروحة للتقليص لا ترقى إلى سد إلا نسبة ضئيلة جداً من العجز لا تذكر، أما زيادة وتنمية وتنويع الموارد وتقليل الاعتماد على النفط فلا تسمع إلا ترديد أفكار عامة عن السياحة والاستثمار والخط السادس!!.... ولكم ملينا!