هل من مبادرة يفاجأ بها المواطنون تستغل الأجواء الإيجابية التي يوفرها شهر ديسمبر الذي تحتفل فيه البحرين بالعيد الوطني المجيد، تتقدم بها الحكومة أو الجمعيات السياسية التي لا بد أن يكون لها دور بدل أن تقف هكذا متفرجة وتترك الساحة لمن لا علاقة له بالعمل السياسي، مبادرة تعين على الخروج من الحال التي صارت فيها البلاد؟ هذا السؤال يشغل بال الجميع لكن الغالبية تتوقع أن المبادرة يمكن أن تأتي من الحكومة وليس من الجمعيات السياسية التي تبدو مغلوبة على أمرها وصارت لا تجتهد إلا في صياغة وإصدار البيانات، فالحكومة اليوم متقدمة على «المعارضة» وتمتلك الجرأة التي تعينها على مثل هذه الخطوة وهي قادرة دونما شك على إنجاحها، لو وجدت التجاوب المفترض من الجمعيات السياسية ومن الأطراف الأخرى ذات العلاقة.المواطنون يتمنون حدوث مثل هذا الأمر، ويكفيهم من أي مبادرة أنها يمكن أن تحرك الساكن الذي يتأذى منه الجميع، فالسكون موت والحركة حياة، ولا بد من حركة تعين على الخروج من هذا السكون، وإن لم توصل في نهاية الأمر إلى الخروج من المشكلة، فما قد لا يتحقق من المبادرة الأولى قد يتحقق من الثانية أو الثالثة أو العاشرة، المهم إيجاد ما يعين على الإفلات من هذا السكون المميت الذي يزيد من تعقيد المشكلة.يأتي العيد الوطني هذا العام في ظروف محلية وإقليمية وعالمية صعبة ومليئة بالمتغيرات والمفاجآت، وكلها تزيد من الضغوط النفسية على المواطنين، الأمر الذي يستوجب حدوث أمر ما يخفف من تلك الضغوط ويعين على استعادة المواطن لتوازنه، على الأقل ليتمكن من استيعاب المرحلة والتكيف معها وتحمل ما قد يأتي لاحقا لو استمرت الأوضاع الإقليمية والعالمية على ما هي فيه، وليس أفضل من التقدم بمبادرة توفر الأمل وتشعر الجميع أن الدنيا لا تزال بخير وأن الوطن سيظل بخير وأن الحال سيعود إلى ما كان عليه وأفضل.شخصياً لا أستبعد أن تبادر الحكومة بأمر ما يصب في هذا الاتجاه، ولكنني آمل أيضاً أن تتحرك الجمعيات السياسية فتقدم على عمل ما يشجع الحكومة على القيام بما يؤمل أن تقوم به، ولعل أفضل ما يمكن أن تقوم به الجمعيات السياسية في هذه المناسبة هو تأكيد رفضها لما يقوم به ما يسمى بـ «ائتلاف شباب فبراير»، مما يتسبب في شق الصف والإعلان عن موقف واضح من تلك الممارسات الخاطئة التي يتضرر منها الجميع ولا تليق بالبحرين وشعبها ولا تعبر إلا عن قصر نظر، كما أن عليها أن تمنع كل من قد يتجرأ على إفساد فرحة المواطنين بالعيد الوطني وتتخذ منه موقفاً، فمثل هذا العمل يؤدي بالضرورة إلى توفير الأجواء المشجعة التي يمكن أن تعين الحكومة على التقدم بمبادرة ما تبعث الأمل في النفوس وتكون بداية النهاية للفيلم الذي أدخلونا فيه عنوة.ليس صعباً على الجمعيات السياسية القيام بمثل هذا وغيره كثيراً، فالأمر لا يحتاج إلا إلى جرأة في اتخاذ القرار وتقييم صحيح للأحوال وما آلت إليه، وليس صعباً على الحكومة أن تبادر بعمل ما فهي قادرة على هذا الأمر، وهذا وذاك من شأنه أن يوفرا الأجواء الإيجابية التي تقود إلى الطريق الموصل إلى النهاية التي تستحقها البحرين ويستحقها أهلها.ما ينبغي أن تعلمه الجمعيات السياسية وتعلمه الحكومة أيضا هو أن المواطنين والمقيمين ملوا وتعبوا من كل هذا الذي حدث في السنوات الخمس الأخيرة، وأنه حان الوقت كي يثابوا على صبرهم وتحملهم لكل هذا الذي جرى، وليس أفضل من استغلال مناسبة العيد الوطني المجيد لتحريك الساكن بعمل إيجابي يعوض الجميع.