يبدو أن هناك صوراً ينبغي أن يراها من بيده القرار تتعلق بشكل مباشر بحفظ المال العام، وحفظ الحقوق، ومحاربة من يتلاعب بالمال العام في جهات عدة، فهذا الباب هو أحد أهم أبواب الحفاظ على الميزانية العامة، والحفاظ على ثروة البلاد، ومقدرات المواطنين.بالأمس روت لي مواطنة من أهل البحرين الطيبين «وكُنت قد نشرت قبل ثلاث سنوات مشكلتها وقد تابع موضوعها في ذلك الحين سمو رئيس الوزراء حفظه الله مشكوراً»، المرأة الشاكية تقول إن قضيتها اليوم بالمحكمة، من بعد أن كان الحق معها، أصبح عليها، وتقول إنها أبلغت عن فساد مالي وإداري يقع في إحدى الجهات التي تحتفظ بمقدرات الموظفين.تقول: أبلغت عن الفساد المالي الذي رأيته أمام عيني، وكنت لا أرضى به، ولا يرضى به أي مواطن شريف ولا يرضي الله، لكن النتيجة بعد أن أبلغت عن المخالفات ووصل الموضوع إلى ديوان الرقابة المالية، أنه تم التنكيل بي في عملي، وتم فصلي عن العمل، وأنا اليوم لا أستلم راتباً منذ ثلاث سنوات، بانتظار قضيتي بالمحكمة، ورغم أن اللائحة الداخلية لمكان عملي تجيز منحي جزءاً محترماً من الراتب لأعتاش به إلى أن يفصل القضاء بيننا، لكن هذا الأمر لم يتم، وأنا بانتظار القضاء، ولا أعلم ماذا سيحدث؟اتصلت بي المواطنة على خلفية موضوع «الملايين المفقودة» الذي نشرته يوم الأحد الماضي.غير أنها أخبرتني بأمر غريب عجيب، لكن ليس غريباً أن يحدث بالبحرين، المرأة تقول إنها اكتشفت بعد أن أصبحت من رواد المحاكم، أن هناك ما يقارب 300 موظف وموظفة في مثل حالتها - «الكلام للمواطنة» - وأن أغلبهم قام بالإبلاغ عمن يسرق المال العام في أماكن عملهم..!تضيف: الذين تم الإبلاغ عنهم، يرتفعون ويرقون، والذين كانوا خائفين على المال العام للبلد، تمت إقالتهم، وأصبحوا من غير راتب..!هذه قصة مؤلمة من قصص كثيرة مؤلمة، في إحدى منعطفات الحديث قالت أيضاً إنها بانتظار الحكم في المحكمة، وقد أخبرت زوجها أن يصفي أعماله، وليغادروا البلد فقد تم ظلمهم، ولم يأخذ أحد حقهم، تضيف: «أنا أموت على البحرين وترابها، لكن ما أقدر أعيش في مكان ظلموني فيه، وفي رزقي، لأني أحب وطني ولا أرضى بالغلط».انتهى حديث المواطنه، وأقول إن أكثر ما استوقفني في حديثها أمران اثنان، الأول، هو عدد الذين أبلغوا عن وجود فساد مالي في أماكن عملهم «وبحسب كلامها يبلغون 300 شخص»، هذا الرقم إن صح كلامها كبير ومؤلم، فالذي يريد أن يحارب الفساد والحرام، أصبح مشرداً في المحاكم، وتمت إقالته، أو توقيفه عن العمل من دون أن يحصل على راتب.الأمر الثاني أنها رغم حبها للبحرين وهي من عائلة معروفة، إلا أنها تريد أن تغادر المكان الذي تحب لأن هناك من ظلمها في عملها، وحاربها في رزقها.لا أعرف، لكنْ في النفس كلام كثير لكن...... ماذا نقول..!حقيقة كلما شاهدت إعلان «نزاهة» في الشوارع للتبليغ عن الفساد، يكون بودي لو أني أستطيع إيقاف سيارتي، وأنزل، وأرفع يدي لأداء تحية عسكرية للإعلان.. سلامي لـ«نزاهة»..!!