للصحافة الوطنية النزيهة قوة جبارة في صون البلد ودعم مشاريعه الإصلاحية، وكذلك في حماية الناس. والبلد يؤمن بحرية الرأي ويحترم المؤسسات الصحافية، يرسل رسالة واضحة للجميع بأنه يقف مع الحق ويرفض الظلم. وهنا نتوسم الخير في البحرين كبلد فيها قيادة تدعم الصحافة وتشد من عضدها. في مجلس سمو رئيس الوزراء حفظه الله بالأمس، وجه كلاماً صريحاً واضحاً للصحافة الوطنية وحملة الأقلام، مفاده بأن الوطن في مراحله الصعبة اليوم، محتاج لهم أكثر من ذي قبل، فالبحرين مازالت مستهدفة، وفي جانب آخر المجتمع البحريني في حاجة لمن يعبر عنه بمصداقية ووضوح، وأن الدولة نفسها لا يمكنها أن تعمل بمعزل عن الصحافة المسؤولة التي تكاشف القيادة والحكومة بعديد من الأمور وتنقل لهم نبض الشارع ومشكلات الناس. هناك للأسف من المسؤولين من لا يلتزم بالأمانة والمسؤولية في موقع عمله، والمشكلة الأكبر حين لا يلتزم بالمصداقية مع القيادة والحكومة، فيخفي أموراً تدينه وقد تؤكد إهماله وعجزه، وقد يقوم بتغليف وضع ما ليصوره بطريقة مغايرة للواقع. لذا دائماً ما نقول بأنه يتوجب اليوم الحرص في عمليات التعيين، والتدقيق في الكفاءات والمرشحين لشغل المناصب، فالبحرين لا تمتلك الوقت في ظل هذه الأوضاع الحرجة بأن «تجرب» فلاناً هنا وعلاناً هناك، البلد محتاج للمضي قدماً في مواجهة التحديات وصون حياة الناس وتذليل مشكلاتها وحلها، وهذه الأمور لن ينجح في القيام بها إلا من يملكون القدرة والأمانة على العمل بإخلاص للبلد. سمو رئيس الوزراء أكد ضرورة دعم «الكلمة الشجاعة»، وهذا الوصف يستوجب التوقف عنده، إذ للأسف كثير من الناس باتوا يؤثرون الصمت، كثير من الموظفين يعملون وهم ساكتون، رغم أنهم يرون الأعاجيب في مواقع العمل، وكمواطنين يرون بعض التصرفات المرفوضة من بعض المسؤولين وأساليب عمل لا تخدم مطالب الناس. الناس سكتوا لأن بعضهم فقد الأمل في تصحيح المعطوب، وبعضهم تعب بالفعل من الكلام والتذكير والنصح. لكن رغم ذلك، تبقى الصحافة مسؤولة في مهمتها الأصلية المعنية بخدمة المجتمع، ولأجل إصلاح المجتمع لابد من وضع اليد على الجرح، لابد من تسمية الأمور بمسمياتها، لابد من «الكلمات الشجاعة» ولابد من الكلمات الجريئة الصادقة التي لا تجامل أحداً، ولا تجمل الباطل والخطأ، بل تقف مع الحق والصواب.حينما يسكت الناس تضيع حقوقهم، ويتمادى في غيه من يضيعها، وحينما تسكت الصحافة فإن الساحة تكون فارغة تماماً، وتتحول على يد بعض المسؤولين الذين لا يلتزمون بالأمانة والحرص إلى ساحة لعب في مقدرات الوطن والمواطنين. لذا اليوم لابد من دعم لحرية التعبير المسؤولة، لابد وأن يتكلم الناس بصراحة، لابد وأن تمارس الصحافة دورها بكل شفافية، «زعل من زعل»، فالأولوية تتمثل بدعم توجهات القيادة والحكومة في الإصلاح، والتي تؤسس لدعم الناس فيما يقولونه ويطالبون به. وعليه لابد من حماية الناس ودفعهم للكلام بما يرضي الله ويخدم وطنهم، لا قبول لترهيب أي فرد أو قلم ليسكت ويتغاضى عن الأمور، ولا غفران لمن رأى الفساد فلم يوقفه، أو من سمع عن الخطأ فلم يصلحه. الكلمة الشجاعة ذات المسؤولية، أمانة اليوم في عنق كل مواطن، قولها لا يعني نقد الوطن والهجوم عليه ولا الدعوة للانقلاب على النظام، بل قولها يعني الخوف على الوطن وأهله من أيدي العابثين ومن تداعيات الأخطاء إن لم توقف.