في مجتمعاتنا العربية هناك نظرة تقليدية تعكس جهالة وضيق أفق في التعامل مع قضية مساواة المرأة بالرجل، فبديهياً أي رجل تلتقط أذناه كلمة المساواة ويجد في موقع العمل امرأة تضطر لأخذ إجازات بدعوى الحمل والولادة يقول «ما قلتوا يا النسوان تبون مساواة؟». المساواة في مفهوم الرجل الشرقي تفسيرها أن تكون المرأة في العمل مثله من ناحية الإمكانيات البدنية وتركيبة الجسم التكوينية والأمور الفسيولوجية «وظائف الجسم»، وهذا تفسير خاطئ تماماً، فالمقصود بها أن تتساوى المرأة مع الرجل من ناحية فرص العمل في التوظيف والحوافز والتقدم الوظيفي، مع مراعاة الفروق الفسيولوجية والاختلاف الفطري كونها أنثى وهو ذكر! نجد هناك رجالاً يدعمون مساواة الرجل بالمرأة باعتبار أنه يجب أن تكون مثله في تاريخها الوظيفي ونظام الإجازات، وهنا نسأل: هل معنى هذا عزيزي الرجل أنك ترغب في أن تحظى بتجربة الحمل والولادة وأنت موظف بمؤسسة؟! لا يمكن لك أن تقيم إنساناً على أمور يمر بها تأتي من فطرته الكونية! المؤسف في قضية المساواة مع مراعاة الاختلاف التكويني، أننا نجد الغرب هو من يتبنى هذا الفكر، ويدعمه رغم أنه ورد في ديننا بكلمتين في قوله تعالى «وليس الذكر كالأنثى».المؤتمر الدولي الذي أقامه المجلس الأعلى للمرأة برعاية من قرينة عاهل البلاد المفدى، بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD» تحت عنوان «المرأة في الحياة العامة.. من وضع السياسات إلى صناعة الأثر»، منح دفعة تفاؤل وهو يستعرض التغيير الحاصل في المجتمعات العربية التي بدأت تدرك هذا المفهوم وتحاول الترويج لهذه الثقافة.لعل ما أبدته وزيرة شؤون المرأة في فلسطين السيدة د.هيفاء الآغا حول التحديات التي تواجهها المرأة الفلسطينية أمر مهم، والتي إلى جانب ما تتعرض له من وحشية في التعامل من قبل العدو الصهيوني المحتل، من تعذيب وضرب وسحب حجابها وسجن وسحل وقتل زوجها وأولادها، فهي تجاهد في الحصول على حقوقها الوظيفية، فالمرأة الفلسطينية تعاني من عدم تكافؤ الفرص، فمعظم النساء يوضعن في الدرجات الدنيا من الوظائف رغم أنه مقابل 145 فتاة جامعية هناك 100 رجل، والفلسطينية قد تكون أكثر كفاءة ومعرفة، لكن في التوظيف يهربون منها، لأن هناك فكرة ترى أن المرأة أمامها زواج وأطفال! المشكلة الحاصلة تكمن في تطبيق القانون، ومتابعة من يطبقه، ولابد للمرأة أن تملك الجرأة الكافية للتقدم بشكوى في أنها تقدمت للتوظيف وأبدعت، لكنها لم تتمكن من الحصول على الوظيفة، بسبب هذه النظرة، وبالتالي يجب أن يحاكم من لا يطبق القانون.نرى أن ما كشفته السيدة آنا ماريا مديرة الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي في أن المرأة إن كانت خائفة فلا يمكن لها أن تتمكن، أمر مهم أيضاً، وأن العنف ضد المرأة لا يشترط أن يكون اعتداء جسدياً إنما أيضاً هناك عنف نفسي ومعنوي، خاصة إن كانت في مجتمع لا يأبه لها أو لا تتمتع فيه بنفس الحقوق كما الرجل من حيث الحصول على العدالة. إن المرأة أقرب للحياة من الرجل لأنها تمنح الحياة فهي تقدم قيماً طبيعية، ويجب أن تشارك المرأة في مؤسسات الدولة وتكون جزءاً مهماً من مشروعاتها لكي تتغير الحياة وتتطور في مختلف القطاعات.هناك رجال يعتقدون أن المرأة أخذت كامل حقوقها مقابل أن الرجل لا أحد يهتم بمسائله، وأعتقد أن ما أبدته ماريا من أن المجتمع لن يتمكن من العمل على مسائل خاصة للرجال إن لم تشارك النساء، وجهة نظر منطقية، فالمجتمع لن يتقدم ويتطور بعقليات الرجل فقط الذي يتولى قيادة المجتمع ومناصب صناعة القرار، باختصار «عزيزي الرجل إذا ما أردت التطور وترقية حقوقك الوظيفية بالعمل.. ادعم المرأة!». * إحساس عابر:الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة د.هالة الأنصاري ذكرت أن البحرين الدولة الخليجية الوحيدة التي لديها تحسن فيما يخص تكافؤ الفرص وقد تقدمت إلى المرتبة الـ123 عالمياً، والخامسة على مستوى الدول العربية.