بعد أن دخلوا حالة من الصمت الطويل، أو كما يقال إن البعض بلع لسانه، حتى إننا نسينا أن لدينا أعضاء لجمعية انقلابية، بعد ذلك البيات القسري الشتوي والصيفي، خرجت علينا أصوات مؤخراً توهمنا أنها تريد تغليب مصلحة الوطن، وتريد أن تتكلم بلغة وطنية جامعة، من بعد ذلك الخطاب الفئوي وربما في بعض الأحيان العنصري، والطائفي الذي لا يمكن أن ينساه أهل البحرين في فترة الانقلاب، ولا يمكن أن ننسى كل شهداء الوطن الذين سقطوا ضحية الإرهاب الصفوي الإيراني.اليوم عرفتم معنى كلمة «مرونة»، وعرفتم أن «الله الحق»، وأخذتم تغيرون الخطاب بعد الهزائم في كل مكان، حتى أصبحتم من غير سقف ومن غير أرض ربما، وتتحدثون عن شركاء الوطن، بينما أنتم من خرجتم تقولون للشركاء ارحلوا حين ظننتم أن الأرض مالت لكم..! ها أنتم اليوم تستبدلون خطاباً انبطاحياً بمشانق الدوار، فقد خرج خليل المرزق ليقول في أجزاء من كلمته: «نحن نحتاج إلى شراكة وطنية ليس لاقتسام الكعكة، بل لتقاسم المسؤوليات، نحن في سفينة وطن واحدة»..!يؤسفني أن أقول إن هناك قيادات في جمعيات بعينها، وخلال 2011 في وقت كان الغبار كثيفاً، لم يعرفوا كيف يقرؤون المشهد، ويحللون المستقبل، فقدموا استقالاتهم من مجلس النواب، وكان ذلك بمثابة مراهقة سياسية غير محسوبة في حينها، دفع ثمنها شارعكم وليس من أحد غيره، وذهبتم إلى لغة الشوارع واحتلال المنامة، ولغة إلغاء الآخر، حتى قال منظركم والولي الفقيه: «إما دستور نضعه نحن، أو لا حل، ولا انسحاب من الدوار» حتى جاءه الحل الذي جعله يدخل صومعته. اليوم عرفتم أن لكم شركاء في الوطن، وأن أي حل لن يكون على حسابهم وبدون إرادتهم وقرارهم؟ الآن عرفتم خارطة التوازنات الإقليمية؟ الآن عرفتم وأيقنتم أن الانقلاب على الشرعية بالبحرين سيجعل دول الخليج تخوض حرباً من أجل البحرين ومن أجل استقرار المنطقة، كما حدث في اليمن؟! إذا اليمن لم تترك للانقلابيين، هل تتوقعون أن تترك البحرين؟! هل تناسيتم أن للبحرين جيشاً قوياً، وأن «درع الجزيرة» يتمركز هنا، هل نسيتم الشراكة بين البحرين والسعودية والإمارات؟! يؤسفني أن أقول إن هناك مراهقة سياسية غاية في الضحالة، وفي عدم القدرة على قراءة المشهد، عولتم على الغرب، وأنتم أنفسكم اليوم تقولون إن الغرب باعكم..! ظننتم أن البحرين تشبة دولاً عربية أخرى، وفصلتموها عن محيطها؟ اليوم عرفتم أن لكم شركاء، وأن خطابكم وأهدافكم ومخططاتكم للانقلاب كانت قمة السذاجة؟الآن عرفتم الحق بعد أن أصبح لدى الغرب ملفات وأجندات أكثر أهمية من بكائيات ومظلوميات مفبركة؟اليوم ربما خرج هذا الخطاب بعد تسريبات رشحت عن أن هناك مفاوضات بين السعودية وإيران في سلطنة عمان وقد نشرت أخبار هذه المفاوضات في مواقع إلكترونية، وأن هذه المفاوضات ربما تشمل ملفات تتعلق بدول الخليج وتدخلات إيران في المنطقة. حالة صمت دخلت فيها قيادات «الوفاق» من بعد حبس علي سلمان، حتى إننا نسينا شيئاً اسمه «الوفاق» وخطابات «الوفاق» من فوق المنابر، وأصبحوا في خانة النسيان، واختفت المظاهرات التي زعم البعض أنها تتخطى 300 ألف رأس، ولا نعلم أين ذهبت هذه المظاهرات وهذه الحشود؟مازالت الأمور تطبخ، ولا أحد يستطيع الجزم بما ستخرج به نتائج مفاوضات عمان بين السعودية وإيران، لكن إذا كانت هناك قراءة لخروج خطاب المرزوق بشكله الناعم فإن هذه القراءة تقول: إن من هم بالداخل بالبحرين أدركوا أن لا حل ولا تقدم من غير الدخول في العملية السياسية البحرينية التي أقرها الشعب من خلال ميثاق العمل الوطني. وأن أي شيء خارج هذا الإطار فإن مصيره الفشل، وسيجعلكم خارج اللعبة كمتفرج لا يملك إلا البكائيات والنواح..!