على الرغم من أن السمة السائدة في المسابقات الرياضية الرسمية هي سمة المنافسة والبحث عن الفوز وجمع النقاط وصولاً إلى الظفر بالألقاب، إلا أن الرياضة تظل دائماً الميدان الأرحب لتجسيد القيم والمبادئ الإنسانية وما تفرزه هذه المبادئ والقيم من سلوكيات حميدة، وهذه هي قمة الروح الرياضية وجوهرها الذي لا يصدأ.مشهدان برزا في الجولتين الخامسة والسابعة من دوري الدرجة الأولى لكرة القدم المحلي يجسدان هذه القيم والمبادئ الرفيعة والتي تجعلنا نشعر بأن رياضيينا لايزالون بخير رغم كل متغيرات الزمن، وأن طيبة أبناء البحرين ستظل هي العنوان الأبرز لهذا الشعب المتحضر.المشهد الأول بطله أخصائي العلاج الطبيعي بنادي المحرق ياسر عباس الذي أبى إلا أن يسارع إلى إنقاذ حارس مرمى نادي الرفاع حمد الدوسري -رغم المنافسة الشرسة بين الفريقين- ليساهم بذلك في إسعافه وإعادته إلى الملعب في اللقاء التقليدي بين الغريمين الكبيرين، مستمداً هذه المبادرة الإنسانية من مبادئ مهنته القائمة على خدمة الإنسانية.ياسر نال احترام وتقدير الجميع وفي مقدمتهم اتحاد كرة القدم الذي خصه بالتكريم، وهي لفتة إيجابية يشكر عليها عميد الاتحادات الرياضية البحرينية.أما المشهد الثاني فقد كان بطله مهاجم نادي الرفاع الشرقي الهداف سامي الحسيني، عندما أطلق قذيفة محكمة من ركلة حرة مباشرة سكنت شباك فريقه السابق البسيتين، معلنة الهدف الخامس، ومؤكدة فوز الرفاع الشرقي الجدير.الحسيني انطلق جرياً نحو مدربه السابق المدرب الوطني المخضرم خليفة الزياني ليطبع قبلة وفاء على رأسه، عرفاناً بما قدمه له من توجيهات ونصائح صقلت موهبته وأبرزته على الساحة الكروية البحرينية عندما كان يلعب بشعار البسيتين لعدة مواسم، كان آخرها الموسم الماضي، قبل أن ينتقل إلى الرفاع الشرقي هذا الموسم.مشهد رائع ولقطة أروع يجسدان الوفاء والإخلاص من هذا اللاعب الخلوق تجاه مدربه السابق، بعيداً على المنافسات الرياضية، وبعيداً عن الانتماءات والتعصبات.هكذا يجب أن تكون الرياضة.. منافسات جادة في الميدان لا تتعدى حدود القوانين الرياضية وعلاقات حميمة خارجه تجسد قيم ومبادئ التقارب والتآلف والمحبة.تحية تقدير لياسر عباس وسامي الحسيني، على أمل تكرار لفتتيهما في ملاعبنا الرياضية التي نتمنى أن تكون مثالاً دائماً للروح الرياضية مهما بلغت سطوة الماديات عليها.