تصريح الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية خالد الرميحي والذي نشرته «الوطن» يوم أمس كخبر رئيس في العدد، ينبغي التوقف عنده وعدم تركه يمر هكذا. الرميحي أشار بصريح العبارة إلى أن مملكة البحرين مقبلة على مشاريع استثمارية ضخمة يتجاوز إجمالها 30 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة. الرقم بحد ذاته يفرض التوقف عنده، إذ هو يستدعي بالضرورة تذكر رقم الدين العام الذي سيصل إلى 10 مليارات دينار، ما يعني أنه بعملية مقارنة بسيطة جداً، فإن هناك أمام البحرين فرصة مثالية للوصول لنقطة التعادل في المصروفات والإيرادات، وهذا مؤشر طيب، يدفعنا للقول بأن مجلس التنمية الاقتصادية يخرج علينا اليوم بمؤشرات إيجابية واستقراءات مستقبلية مشجعة. بحسب تفصيل الرميحي للمبلغ المتوقع دخوله خزينة الاقتصاد الوطني وسوق المال البحريني، فإن الإجمالي المتوقع 30 مليار دولار «أي قرابة 11 مليار دينار»، يقسم باعتبار دخول 10 مليارات من إجمالي استثمارات الجهات الحكومية مثل شركة ألمنيوم البحرين «ألبا»، وشركة نفط البحرين «بابكو»، وشركة الخليج لصناعة البتروكيماويات «جيبك» إضافة إلى لمشروع مرفأ الغاز المسال. في جانب آخر ما بين 10 إلى 15 ملياراً ستجنيه استثمارات القطاع الخاص مثل مشروع «ديار المحرق» و«بحرين باي» ومشاريع أخرى.مثل هذه الأرقام، ورغم وجود بعض الإيرادات الداخلة للقطاع الخاص، إلا أنها تحسب كنوع من المؤشرات الإيجابية في ظل وضع اقتصادي معقد نعيشه اليوم، وبات يؤثر في كثير من الأمور، وحله يشكل هاجساً لدى الجميع. وبغض النظر عن التفاصيل، فإنه يحسب لمجلس التنمية التصريح بشكل واضح بشأن خططه المستقبلية وتحركاته في سبيل التعامل مع الوضع الراهن. تقوية الاستثمار في البحرين عامل مهم جداً، وهنا يحسب للمجلس تكوينه لفرق عمل مهمتها تهيئة الأرضية المناسبة أمام المستثمرين الذين يرغبون دخول أربعة قطاعات متاحة حددها المجلس ضمن قطاعات الاستثمار مثل القطاع المالي، اللوجستي، التكنولوجي، إضافة للسياحي الذي يفترض العمل جدياً على تقويته وتطويره. الإيجابي في العملية وجود توجيهات صريحة وواضحة ومباشرة ودائمة من قبل الحكومة وتحديداً من صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بشأن تعزيز جوانب الاستثمار في المملكة، وتهيئة الأرضية المناسبة أمام المستثمرين وتذليل الصعوبات التي قد يواجهونها. هذا هدف هام يجب العمل جدياً من قبل جميع الأطراف المعنية على تحقيقه، بحيث تكون البحرين وجهة استثمارية مفضلة، وألا يوجد أي عائق يحولها لبيئة طاردة. القوانين والتشريعات يجب أن تعدل وتخدم الاستثمار، وما يدخل خزينة الدولة يجب أن يخطط له ويحسب نتاجه جيداً، وقياس العوائد يظل أكثر أهمية لأجل إعادة توجيهها في سبيل تعديل الميزان الاقتصادي. نعلم تماماً أننا نمر بظروف صعبة، معها يسهل جداً التعامل بأسلوب إلقاء المسؤولية وممارسة النقد القوي وغيرها من أمور تدخل في إطار ردود الفعل، لكن المشكلة أن هذه الأمور ستأتي وتذهب لكن سيظل الوضع على ما هو عليه، والأنجع أن نعمل معاً على التفكير في سلسلة من الحلول التي يمكنها المساعدة في ضبط الأمور، إضافة لدعم المسؤولين حينما تتمخض جهودهم عن خطط يمكن تطبيقها ومؤشرات إيجابية يمكن الاستفادة منها. هناك فرص عديدة لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد فقط على النفط الذي حينما يتهاوى سعره ندخل في دوامة ومتاهة مضنية، الاستثمار أحد أهم الحلول، وهو يأتي في إطار تنويع مصادر الدخل، دون نسيان السياحة طبعاً، والتفكير في تحويل البحرين لجهة استقطاب للخارج سواء على مستوى الشركات وحتى الأفراد، إذ كل دينار يدخل في اقتصاد البلد له تأثيره الإيجابي بالضرورة.هذه الأفكار والحلول لا يمكن أن تقدمها عقول تفكر فقط في معالجات «آنية» للتعامل مع المشكلات الطارئة، تحتاج لعقول تملك قدرة على إدارة الأزمات بتزامن مع ابتكار الحلول ذات المدى الزمني الطويل، تحتاج لطاقات وقدرات يمكنها أن تحول «التراب إلى ذهب»، ولا تقولوا البحرين لا تملك مثل هؤلاء، والله لدينا فقط يحتاجون لدعم ومؤازرة وتمكين. نقف مع كل تحرك هدفه صالح البلد والمواطن، وبالأخص في هذا الوقت الذي إن لم نعمل فيه بنظرة تركز على «الصورة الشاملة» و«المصلحة العامة» فإننا لن ننجز شيئاً ولن نتجاوز هذه المرحلة الصعبة.