«الذيب ما يهرول عبث».. مثل شائع في الجزيرة العربية، يقصدون به أن الذئب المعروف بالدهاء إذا أكثر من حركة لم يفهمها غيره، لكنهم متأكدون أن وراء حركته شيئاً، فيأخذ الفطنون الحذرون حيطتهم منه، ويبقى الساهون الغافلون أسرى غفلتهم لا يهتمون ولا يكترثون حتى يوقع الذئب فيهم مصيبة.الذئب هو النظام الإيراني، وهرولته الماكرة هذه المرة في تونس، والضحية الغافلة وزارة السياحة التي وقعت مع «الذئب الإيراني المهرول» مجموعة اتفاقيات تهدف إلى تطوير العلاقات السياحية بين البلدين. يتضمن برنامج التعاون الذي يمتد على مدى ثلاث سنوات إقامة مشاريع استثمارية وتسهيل الحركة السياحية ومساعدة وكالات السفر على تصميم برامج سياحية مشتركة.أي ذئب، وأي هرولة، وأي مكر، وأي ضحية، والاتفاقية لا تعدو أن يكون محورها تبادلاً سياحياً «بريئاً» بين بلدين مسلمين، مثلها مثل مئات الاتفاقات السياحية الدولية التقليدية؟ أحيل هذا السؤال إلى السيد المفكر وعالمالاجتماع والمعارض السوري الدكتور برهان غليون الذي هرول «الذئب الإيراني» في بلاده وعاث فيها فساداً، فقد أجاب غليون على هذه التساؤلات في مشاركة تويترية بعث بها إلى الصديق الدكتور الهاشمي الحامدي قال فيها غليون: «بعد هذه الاتفاقية السياحية، سيكون عندكم أيها التونسيون خلال السنوات الخمس القادمة خمسون حسينية وخمسون مقاماً لأحفاد أو أبناء الأئمة المقدسين ومئات المتطوعين الإيرانيين لهداية التونسيين لدين الحق، بعد بضع سنوات، آلاف السياح للمزارات الشيعية التونسية والحسينيات، وسيتشكل بعدها حزب الله التونسي لحماية الأقلية الشيعية المظلومة، وسيتهم من يرفض الحزب بالطائفية والعداء للإمام الحسين».ولا ينبئك مثل خبير، فالدكتور غليون يحكي واقعاً «طائفياً» مراً في بلاده سوريا، استطاع من خلاله «الذئب الإيراني» وهرولته المتسارعة أن يخلخل التركيبة الطائفية في سوريا وينشر الحسينيات والمزارات وأن يكثف أعماله التبشيرية الشيعية في الطائفة العلوية وبمباركة ضمنية من الرئيس حافظ الأسد، وأن يستضيف ألوف السوريين الذين تشيعوا في إيران للتدريب والتأهيل العسكري، والعرب ساهون غافلون لا يفهمون سر هرولة الذئب الإيراني، وقد خدرتهم شعارات «الذئب» الوحدوية والتقاربية، وخدرهم الذئب حافظ الأسد بقوميته العروبية. كما هرول «الذئب الإيراني» في اليمن وفي بعض دول الخليج سراً وعلانيةً، وفي اليمن وفي دول أفريقيا وشبه القارة الهندية وجنوب شرقي آسيا يصافح قادتهم تحت شعار الوحدة بيد، ويمد لشعوبها كتيبات التبشير الشيعي باليد الأخرى.كنا سنخفف اللوم على الدول العربية التي هرولت فيها الذئاب الإيرانية حين اندلعت الثورة الخمينية مطلع الثمانينات، فهي لم تدرك حينها حقيقة خطر الثورة الإيرانية وبعدها الأيديولوجي العابر للدول، لكن الذي يثير الدهشة ويبعث على الحنق أن تستكين بعض الدول العربية، ومنها تونس، للذئب الإيراني الذي هشم بأنيابه الطائفية والسياسية والعسكرية وحدة دول منطقة الشرق الأوسط واستقرارها، ولا تدرك أن هرولة «الذئب الإيراني» لتونس من خلال التعاون السياحي له آثاره المدمرة سياسياً وأمنياً وطائفياً كما قال الدكتور غليون آنفاً. ولاتزال بعض الدول العربية الغنية في المنطقة تعقد صفقات اقتصادية ضخمة مع «الذئب الإيراني» وترسي علاقات تجارية كبيرة معه، غير مكترثة لا لهرولته الخطرة ولا استثمار عائدات هذه الصفقات على خلخلة استقرار دول المنطقة كما تفعل الآن في العراق وسوريا ولبنان واليمن والآن نحو تونس عبر اتفاقات سياحية غير بريئة البتة.* نقلاً عن صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية