الأمنية التي تجمع أهل البحرين هذه الأيام التي نحتفل فيها بالعيد الوطني المجيد هي أن تعود هذه المناسبة علينا وقد خرجنا من المشكلة التي أدخلنا فيها ذلك البعض الذي أخفق في تقدير الأمور وقراءة الساحة وأوصلنا إلى مرحلة لم يتخيل فيها أحد وصول شعب البحرين، المعروف بحبه لكل الآخر، إليها. كان ذلك مؤسفاً، والمؤسف أيضاً أن نظل نتمنى من دون أن نعمل، فهذا الأمر -عودة الأحوال إلى ما كانت عليه- لا يتحقق بالأمنيات ولكن بالعمل والعمل الجاد والمخلص من قبل الجميع وخصوصاً من يمكن تصنيفهم على أنهم أطراف المشكلة. من دون هذا ستظل الأحوال على ما هي عليه اليوم بل ستزداد تعقيداً، وسنظل نتمنى أن تعود إلى ما كانت عليه في كل مناسبة.نحن الآن نعيش مشكلة عمرها خمس سنوات، هذه المشكلة أرقتنا وأثرت على معيشتنا ولا تحل إلا بالعمل والمبادرات الجادة، وهو عمل لا يمكن أن يقوم به طرف دون آخر، فالمسؤولية مسؤولية الجميع، ولابد من الجميع أن يتحرك ويبادر.ليس منطقاً القول إن بيد الحكومة أن تحل هذه المشكلة، وليس منطقاً القول إن على الحكومة وحدها أن تبادر، فهذا النوع من المشكلات لا يمكن أن يحل بقرار من الحكومة ولا تكفيها مبادرة وليس لها إلا إقدام الجميع بشجاعة لمواجهتها وحلها. بل لعل المبادرات التي تأتي من الأطراف الأخرى وعلى الخصوص الجمعيات السياسية أكثر قدرة على تحريك الموضوع لأنها ستجد دونما شك الاهتمام من الحكومة وستكون معبرة عما يريده المواطنون، دون أن يعني هذا العودة بشكل فوري إلى طاولة الحوار التي نصبت مرات، ورفعت من دون التوصل إلى مفيد، فتداول أي مبادرة لا يستدعي بالضرورة نصب تلك الطاولة خصوصاً وأن هناك طرقاً أخرى كثيرة يمكن التواصل عبرها والوصول إلى ما يشجع على نصب طاولة الحوار من جديد.الأكيد أن مختلف الأطراف ذات العلاقة لم تظل ساكنة طوال الفترة الماضية، فقد كانت هناك تحركات ومحاولات للوصول إلى نقطة مشجعة على عودة الحوار وحل المشكلة وإن لم يعلن عنها، لكن الأكيد أيضاً أن كل تلك التحركات لم تصل إلى النقطة المرجوة، الأمر الذي يعني ضرورة مواصلة هذا التحرك وضرورة فتح الباب لمشاركة أكبر عدد ممكن من العقول البحرينية المخلصة حيث المشكلة لا تخص الجمعيات السياسية وحدها ولا تخص فئة دون فئة أو مجموعة دون غيرها، بل لعل ما يأتي به المواطنون غير المنتمين إلى هذه الجمعيات يعين على الوصول إلى حيث باب الحل. مهم أيضاً اطلاع شعب البحرين على جوانب من تلك التحركات -التي أزعم أنها لم تتوقف- كي يشعر أن المعنيين لم يتركوها ولم يتركوه وأنهم لايزالون يعملون بغية الوصول إلى حل مناسب لها يرضي الجميع. سرية مثل هذه التحركات أمر طيب ولكن من المهم أيضاً أن يشعر المواطنون أن الأحوال لن تبقى على ما هي عليه وأنه لايزال هناك أمل لعودتها إلى نصابها. المتغيرات التي تشهدها المنطقة والأحوال التي لا تسر بسبب انتشار الإرهاب وتنامي أعداد الإرهابيين الذين باشر بعضهم تنفيذ مهامه قريباً من دارنا ينبغي أن تكون الدافع للإسراع في الوصول إلى حل يعين على مواجهة الأخطار المحدقة بنا، ذلك أن استمرار الحال التي صرنا فيها يعني سهولة اختراقنا وتضررنا جميعاً، ومن يعتقد أن الأجنبي يعينه ليرتقي به مخطئ، فلا عون من أجنبي من دون منفعة يحصل عليها ولو بعد حين.مؤلم أن يعود العيد الوطني العام المقبل ونحن لانزال نردد الأمنيات.
Opinion
الإفلات من خانة الأمنيات
18 ديسمبر 2015