«إن البحرين وطني، نعيش فيه، ويعيش فينا، وطن نشأنا على ترابه وترعرعنا في ربوعه ولا مستقبل لنا إلا بين أحضانه، من أجله نصنع من أرواحنا سلماً يرتقي به». هكذا لخص ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة العلاقة بين المواطن والوطن وتناول ببساطة رحلة عبوره فيه منذ الولادة وحتى آخر يوم له في الحياة، فالوطن الذي أعطاه واحتضنه يستحق أن يصنع له من روحه سلماً ليرتقي به، وهذا أقل القليل.علاقة الأخذ والعطاء هذه علاقة وإن بدت في جزء منها مادية إلا أنه لا يشعر بها إلا من عرف معنى الوطن وقيمته، فالعلاقة هنا ليست علاقة منفعة ولكنها علاقة حب وعشق يصل إلى حد التماهي، ولولا هذا لما افتدى المواطن وطنه بروحه وبكل غال ونفيس ولربط إقدامه على ذلك بالمصلحة.هكذا هي البحرين التي تحب الإنسان البحريني دائماً، وهكذا هو الإنسان البحريني الذي يفدي البحرين بروحه دائماً أيضاً، تحبه البحرين ويحبها، تعطيه من حنانها فيعطيها من جهده وإخلاصه ووفائه، تحتضنه فيصنع من روحه سلماً كي ترتقي به وتنال المجد والسؤدد وتستمر حيث هي في المقدمة. لكن هذا الحب وإن برز في مناسبة العيد الوطني ومثيلاتها إلا أنه لا يحده زمان وليس مقتصراً عليها، فحب الوطن مزروع في القلب وهو جزء من المواطن، يبدأ به يومه وينتهي به، ولولا هذا الحب المستمر لضاع الوطن الذي أراد به ذلك البعض سوءاً في ذلك اليوم الذي لا يمكن للبحرين وأهلها نسيانه، ولولا هذا الحب وهذا العشق للوطن لما عرفنا اليوم أحوالنا في مثل هذا الجزء من العام، ولتهنا.البحرين وفية لأبنائها المخلصين الأوفياء الذين يعرفون قدرها ويعطونها من غير حساب، البحرين وفية لكل من يحبها ويبذل من أجلها الغالي والنفيس، ووفية لكل من يسعى إلى الإعلاء من شأنها والدفاع عنها ورفع رايتها، وهي وفية أيضاً لأبنائها الذين يطمحون إلى الأفضل فينتقدون ويعبرون عن عدم رضاهم عن أمر أو آخر. البحرين لا ترفض أبناءها الذين يمارسون حقوقهم في التعبير طالما يقر الدستور ذلك وينظمه القانون، البحرين تقف في وجه من يريد بها وبأبنائها السوء ومن يفتح الطريق أمام الأجنبي ليدخل ويعيث في الأرض فساداً.البحرين واضحة في كل هذا، خذ حقك الذي يقره الدستور وينظمه القانون وأعط الوطن حقه. الإساءة للوطن وللآخرين مرفوضة، والتجاوز أياً كانت أسبابه مرفوض، تماماً مثلما أن كل عطاء مقدر ومشكور. ليس صحيحاً ما يحاول البعض ترويجه خصوصاً في هذه الأيام من أن البحرين تقسو على أبنائها وتظلمهم، فهذا كلام لا يصدقه عاقل ولا يقبله إلا من يوافق على الإساءة لهذا الوطن ويعجبه كلام المسيئين وادعاءاتهم. البحرين تحب أبناءها وتحتضنهم وترعاهم لكنها تستثني منهم من يعتدي على الثوابت ويرفض القانون ويتجاوزه، والاستثناء هنا لا يعني رفع غطاء الحب عنهم ولكن العمل على تعديل سلوكهم بغية إعادتهم إلى جادة الصواب.كثيرون أخطؤوا في حق هذا الوطن، وكثيرون أساؤوا إليه في فترات سابقة، بقصد أو من دون قصد، ومع هذا لم يحرمهم الوطن من الحب والحنان وتعامل مع أخطائهم وإساءاتهم بطريقة الهدف منها تنبيههم وإعادتهم إلى عقولهم. أما القسوة التي يتحدث عنها البعض فهي خاصة بأولئك الذين باعوا الوطن للشيطان ووضعوا بينهم وبين الحب والإخلاص والوفاء للوطن حاجزاً يصعب هدمه وتجاوز أثره ونسيانه. مثل أولئك لا يمكن أن يصنعوا من أرواحهم سلماً يرتقي به الوطن.