نجحت المملكة العربية السعودية بإعلانها الأسبوع الماضي عن «التحالف الإسلامي العسكري» الذي يأتي في ظل فشل دولي بمواجهة الجماعات الإرهابية وتزايد خطر الإرهابيين عالمياً؛ إذ قلنا سابقاً في ذات هذه المساحة إنه «وفق توجهات الحلف العسكري الروسي الإيراني الجديد، ستشهد المنطقة متغيرات أخرى، ولن تهدأ في ظله، بل ربما تظهر نقاط ساخنة أخرى، إلا في حال نشوء حلف مواز عربي إسلامي على شاكلة التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن لصالح الشرعية».ومرد هذا النجاح هو إصرار السعودية على قيادة تغيير توازنات القوى الإقليمية لصالح أحلاف عقلانية، بمواجهة تحالفات تسعى عبر «المزيد من إراقة الدماء»، إلى تمكين مفهوم «الاستحواذ»، وفق نمط يعتمد على إثارة «الصراعات الطائفية».إيران كانت تخشى أن يتطور الدور السعودي العسكري الجديد عبر التحالف العربي في المنطقة إلى أن يكون له وجود في أماكن أخرى غير اليمن، في سوريا مثلاً، المخاوف الإيرانية الآن ستزداد، فالوجود العسكري الإقليمي بالمنطقة لن يقتصر على دعم الشرعية في اليمن فقط، إنما سيكون هناك وجود عسكري آخر عبر تحالف آخر في مناطق أخرى، إذ أكد ذلك ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي قال إن «التحالف سيحارب أي منظمة إرهابية تظهر أمامنا».فالجماعات الإرهابية التي سيكون على التحالف مجابهتها تتوزع في عدد من الدول، وتتكون من القائمات الإرهابية التي اعتمدتها كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فالقائمة السعودية للجماعات الإرهابية، التي اعتمدتها في مارس 2014، تضم تنظيم الدولة «داعش»، و«النصرة» و«الإخوان» و«حزب الله السعودي» والحوثيين، وتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب، وتنظيم «القاعدة» في اليمن، وتنظيم «القاعدة» في العراق، فيما شملت القائمة الإماراتية، التي اعتمدتها في نوفمبر 2014، 83 جهة تم تصنيفها ضمن التنظيمات «الإرهابية»، وتتوزع في عدد من البلدان من الخليج والشام إلى إيطاليا وفنلندا وبريطانيا وألمانيا والفلبين وبلاد المغرب العربي والصومال ونيجيريا والباكستان وغيرها.«التحالف الإسلامي العسكري» خطوة إستراتيجية مهمة راهناً، لكن الخطوة الإستراتيجية الأخرى التي على السعودية اتباعها من أجل إكمال سيناريو مستقبل المنطقة وتوازنات القوى الإقليمية فيها هي تسريع إطلاق الاتحاد الخليجي الذي سيؤمن قوى مدمجة فاعلة في الحراك الإقليمي، تستطيع أن ترجح كفة ميزان التحالف، خاصة في حال توحيد الجيوش الخليجية.مبادرة السعودية بهذا الحلف الموازي لحلف طهران – موسكو، ستسهم في توحيد الرؤى الإستراتيجية حول المنطقة، فيما تشكل تحركات وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في روسيا ضمن العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين، بعداً آخر، فالعلاقات الخليجية الروسية تسعى للضغط على إيران، عبر الوصول إلى تفاهمات مشتركة بين دول مجلس «التعاون» وروسيا الاتحادية فيما يتعلق بالوضع في سوريا واليمن، ولعل تصريحات وزير الخارجية التي تطلع فيها إلى التوقيع على عدد من الاتفاقيات خلال الفترة المقبلة مع روسيا تغطي مجالات مهمة من بينها التعاون العسكري، تصب في ذات هذا الاتجاه.