قرار توقف الحكومة عن إرسال المرضى البحرينيين للعلاج في الخارج والذي تحدثت عنه وزيرة الصحة فائقة الصالح لإحدى الصحف الزميلة أخيراً قرار مهم وجريء، وإن جاء متأخراً، الهدف منه توفير مبالغ كبيرة تحتاجها البحرين في الوقت الراهن، وهو قرار عملي لأنه إضافة إلى توفير تلك المبالغ المقدرة بـ 25 مليون دينار سنوياً لن يحرم المحتاجون إلى رعاية صحية غير متوافرة في البلاد من تلقي العلاج الذي يحتاجونه، فالأطباء المعالجون سيأتون إلى البحرين ويقومون بالعمل نفسه الذي يقومون به لو أن المرضى سافروا إليهم، عدا هذا فإن استقدام هذه الخبرات المهمة يمكن أن يستفيد منها الأطباء البحرينيون الذين يفترض الترتيب لحضورهم تلك المعاينات والفحوصات والعمليات فيكتسبون الخبرة التي بتوفرها يقل معها عدد الأطباء الذين يتم استقدامهم. طبعاً مهم في وضع جديد كهذا ألا يتم استثناء غير الحالات المستعصية التي أمر سمو رئيس الوزراء قصر الابتعاث للعلاج في الخارج عليها، فمثل هذا القرار يجب أن يطبق على الجميع من دون استثناء خصوصاً وأن باب العلاج في الخارج سيظل مفتوحاً أمام من يريد ذلك ويستطيع تحمل نفقاته. استقدام الأطباء من الخارج يمكن أن يتم أيضاً بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي، فمن يأتيهم لمثل هذا الغرض يمكن أن يأتينا طالما أنه قريب من دارنا. كما إن التطور التقني اليوم يتيح للأطباء في الخارج المشاركة في إجراء العمليات التي تتم في المستشفيات هنا ومتابعة الكثير من الحالات، وما نشر في هذا الخصوص من أخبار يبدو مشجعاً.قول وزيرة الصحة «لا يمكننا المضي قدماً في النظام الحالي لأنه لا يحقق الأغراض المنشودة كما أنه يكلف كثيراً ويمكن استبداله بإحضار الأطباء إلى البلاد»، يفهم منه أن العلاج في الخارج ليس مجدياً دائماً، وهذه حقيقة يؤكدها كثيرون من الذين يفاجؤون بمستوى العلاج في الخارج أحياناً وبانحرافه نحو التجارة، فهناك من المستشفيات والأطباء من يستغلون لجوء المريض إليهم فيبدعون في ابتزازه عبر إخضاعه لفحوصات لا يحتاجها.الوزيرة قالت إنه «تم الاتصال بالعديد من المستشفيات والأطباء والخبراء في معالجة الأمراض التي لا يمكن التعامل معها هنا، مثل أنواع معينة من السرطان، وكانت الاستجابة مواتية»، وهذا يعني أن إحضار الأطباء الذين يمكنهم متابعة الحالات الصعبة ليس صعباً وأن الأمر لا يتطلب سوى الترتيب والتنسيق. وكما نشر فإن تجربة للنظام الجديد تمت الشهر الماضي حيث أحضرت وزارة الصحة طبيباً ليشرف على علاج ستة مرضى بدلاً من نقلهم إلى الخارج.من المهم هنا أيضاً القول إنه يتوفر في مملكة البحرين مستشفيات متطورة وأطباء في مختلف التخصصات أثبتوا كفاءة واشتهر بعضهم حتى صار الآخرون يأتون إليه هنا ليقوم بعلاجهم. هذا يعني أن الوقت قد حان لمناقشة الأسباب التي تجعل قسماً من المرضى لا يثق في الأطباء العاملين في مستشفياتنا وخصوصاً في الأطباء البحرينيين رغم تميز بعضهم، فالطبيب ليس جنسية وإنما كفاءة ومهارة وخبرة وقدرة على تشخيص المرض وعلاجه.مهم أيضاً أن نضع في الاعتبار مسألة أن العلاج في الخارج هو بالنسبة للكثيرين فرصة لـ«الكشتة» حيث يرافق المريض عادة عدد من أفراد أسرته أو أصدقائه ويصير الأمر كما في الشامبو «اثنان في واحد»!قرار وقف إرسال المرضى البحرينيين للعلاج في الخارج على حساب وزارة الصحة باستثناء الحالات المستعصية قرار مهم وجريء، الجميل فيه هو أن الحكومة وفرت البديل المنطقي والمناسب، فكل ما في الأمر هو أنه بدل ذهاب المريض إلى الطبيب في بلاده سيتم جلب الطبيب إلى هنا ليقوم بالعمل نفسه خصوصاً أن كل ما قد يحتاجه من تقنيات متوفر في مستشفياتنا.