من خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الشورى نستطيع الوقوف على ثلاثة مشاهد فيها، توضح حقيقة الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، ومدى التباين في المواقف والآراء.المشهد الأول، هو موافقة مجلس الشورى في جلسته على المرسوم بقانون «30» لسنة 2015 بتعديل المرسوم بقانون «15» لسنة 1977 بإصدار سندات التنمية، والذي ينص على رفع سقف الدين العام إلى 10 مليارات دينار بعدما كان 7 مليارات فقط، وسط معارضة 4 أعضاء. المشهد الثاني، هو ما أكد عليه العضو خالد المسقطي حين قال: «إن اقتصادنا يعتمد على دخل البنزين، وانخفض 75% من 2009 إلى اليوم و34% من بداية العام لغاية الآن، والحكومة اتخذت خطوة صحيحة في إصدار المرسوم، لأن الإيرادات الحكومية تراجعت بنسبة لا تقل عن 31% واقتصاد البحرين صغير ونحن نتوقع خسائر جراء استمرار انخفاض أسعار النفط، إذ نتوقع خسائر بالنسبة للناتج المحلي بنسبة حوالي 10% وهي النسبة الأقل بالنسبة لدول الخليج الأخرى، كما يتوقع أن يبلغ العجز في دول الخليج 180 ملياراً للسنوات القادمة». وتابع المسقطي: «توقعات سعر النفط للسنوات القادمة لا تبشر بخير، هناك طرق للتعامل مع الواقع الذي نعيشه، وكيف نخرج منه والاقتراض شر لابد منه، دعونا في التقرير إلى إصلاحات أهمها ضبط الموازنات العامة وأن تعكس الواقع وليست أحلاماً ولا تكون عبئاً على الدولة».أما المشهد الثالث فهو ما ذكره وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، حيث أكد قائلاً: «كنا نستعد بمجموعة من السياسات لأننا كنا نتوقع انخفاض أسعار النفط، لأن الظروف كانت تستلزم زيادة الصرف، والآن لابد من إعادة توجيه الدعم لمستحقيه من المواطنين، واسترداد الكلفة للخدمات، سنمس أكثر المواطنين حاجة للدعم، ومراجعة المصروفات غير الضرورية، كلها برامج مختلفة لتوجيه صرفنا بالتخفيض وزيادة إيراداتنا». وأخيراً أكد وزير المالية على أهم ما يمكن أن يطرح في هذا الموضوع الخطير حيث قال: «نحن اليوم نتعامل مع تحد كبير ونحن بعيدون عن «الإفلاس»، التحدي الذي أمامنا أن نقترض ونفكر في قطاعات اقتصادية تمولنا مستقبلاً».هذه الفرضيات والجدليات الاقتصادية الحقيقية داخل الدولة لا يفهمها المواطن البسيط، ولا يريد غالبية الناس فهمها، فهم يريدون أن يعيشوا كما كانوا سابقاً في توفير لقمة العيش لهم ولعيالهم من دون أدنى منغصات، فحين يسمع الناس أن الأزمة الاقتصادية سوف تقطع عنهم رواتبهم وخبزهم وعلاجهم وتعليمهم فإنهم يعيشون وسط محيط من القلق، وهذا الأمر له عواقب وخيمة على كل الأصعدة، فليس أمام المواطن البحريني أي خيار أو حتى ذنب في هذه الأزمة المالية حتى يدفع من جيبه ضرائب لم يكن له أي دور في حصولها أصلاً، بل يجب على الدولة أن تتجنب وضع مزيد من القيود على جيوب الناس في البحرين، وأن تحاول قدر المستطاع إبعاد المواطن العادي عن هذه الأزمة الاقتصادية التي تضربها، فلربما يكون تصريح وزير المالية أكثر منطقية في هذا الشأن والأكثر تطميناً للناس، وهذا الذي يجب أن يختتم به المشهد.