يجب أن يعاد النظر بكل جدية في أداء بعض الجهات الحكومية، فالكثير من موظفيها مازالوا يتعاملون مع الناس والزبائن بطريقة بدائية ومتخلفة، وحتى من دون «نفس» أو أدنى ذوق، فلا هم ينجزون معاملات المراجعين في الوقت المحدد، كما إنهم يصرون على تعطيل مصالحهم وفق نزواتهم ورغباتهم وأمزجتهم الخاصة، وهم الذين يحددون متى «تجهز» معاملات الناس ومتى يجب أن تتأخر، ومتى عليهم أن يعملوا ومتى يجب عليهم أن يلعبوا بالوقت والمعاملات ومصالح المراجعين.ليست للدقائق ولا للساعات ولا حتى للأيام قيمة عند هؤلاء النفر من الموظفين، فحين يتردد المستثمر أو صاحب الطلب أو المراجع من أجل إنجاز معاملاتهم التي يستطيع الموظف أن ينجزها في دقائق بل في ثوانٍ معدودات، ينصدمون في كل مرة بتأجيل إنجازها لأيام ولشهور، مما يعني لهم الكثير من الخسائر المادية، والخسائر الواضحة من ضياع أوقاتهم في السعي بين الوزارات.في دولة خليجية، تستطيع أن تفتح لك مشروعاً استثمارياً عملاقاً عبر الإنترنت «online» في بضع دقائق، وهنا عندنا تحتاج لعشرين موظفاً وعشرين شهراً ولربما لأكثر من عشرين مرة تتردد بين فسطاط الوزارات، إضافة لامتلاكك واسطة قوية جداً، ليس من أجل إنجاز معاملتك العادية، بل من أجل أن توافق الجهات المعنية على مشروعك، ومن ثم وبعد قبولهم مشروعك الاستثماري والتصديق عليه، عليك أن تجمع لك من الوثائق والمستندات الورقية الكثير الكثير كي تثبت للموظف الكسول والوزارة الكسولة أنك مستحق لهذا الطلب، وأن المعلومات والوثائق كلها صحيحة وغير مزورة، مع العلم أن كل ما تقدمه لهم من مستندات ثبوتية، يستطيعون أن يجدوه في ملفات الدولة «إلكترونياً» وبضغطة زر، لكنه العجز والبيروقراطية المتفشية في أوساطنا يا سادة!يحدثنا بعضهم عن الإخوة «اليابانيين» الذين صادفوهم في مسيرتهم العملية من موظفين ومسؤولين، وكيف أنهم ينجزون أكبر المعاملات الاستراتيجية في قضايا الاستثمار عبر العالم من خلال الإنترنت، دون الحاجة لورقة واحدة ومن دون تأخير يذكر، بينما تجد أن هناك معاملة صغيرة لا أكثر، تنام فوق طاولة الموظف أو الموظفة في مؤسسة حكومية في البحرين لعدة أسابيع أو حتى لعدة شهور، والسبب هو، وجود موظف أو موظفة، لا يحب أو لا تحب، العمل بضمير إنساني ووطني مشرف، مما يعكس صورة سلبية عن الوطن والحكومة أيضاً، كل ذلك بفضل مسؤول خامل وموظف كسول ووزارة لا تريد أن تتطور، ولهذا فإن هذه الكائنات الحكومية تعتبر طاردة لرؤوس الأموال ولكل أنواع الاستثمار، المحلي منه والخارجي، ولهذا يجب على الدولة أن تعيد صياغة هيكلة المؤسسات الرسمية التي تعنى بشؤون معاملات المواطنين والمستثمرين والمقيمين، من أجل أن تنجز في وقت قياسي، كما عليها أن تعاقب كل موظف لا يحب أن يقوم بواجبه الوطني والإنساني بصورته الصحيحة، أما إذا تم السكوت عن هؤلاء الكسالى وعن تراخيهم المتعمد في إنجاز المعاملات في وقتها القصير والمحدد، فإن الدولة سوف تخسر الكثير من رؤوس الأموال وكذلك الكثير من سمعتها بسبب ثلة من هؤلاء الموظفين، أولئك الذين يفضلون الراحة على التعب، ويقدمون الاسترخاء على العمل، ويبدؤون بمصالحهم على مصالح الوطن، ومن هنا نقول «كفانا مجاملات».