يحلو لذلك البعض الذي اعتبر نفسه معارضة ترديد عبارات من مثل «إذا واصلت الحكومة في كذا أو كذا أو لم تهتم بالملف الفلاني أو العلاني أو لم تفعل هذا الشيء أو ذاك فإنها تقود البلاد إلى نفق مظلم». عبارات يقولها ذلك البعض إما لأنه لا يدرك بعد ما فعل أو ليبرئ نفسه من التهمة، أليس هو من أدخل البلاد بقفزته المجنونة في الهواء إلى هذه الحال وهذا النفق؟ أليس هو الذي بعناده وعدم تقديره للأمور وقراءته الخاطئة للساحة المحلية والإقليمية من فعل كل ذلك؟ أليس هو بقبوله التحول إلى أداة في يد الآخرين هو من فعل ذلك؟كل ما قامت أو تقوم به الحكومة جاء بعد ذلك الفعل وليس قبله لتكون متهمة بإدخال البلاد في نفق مظلم، فمنطقاً لا يمكن محاكمة ردة الفعل مهما كانت قاسية أو خاطئة وترك الفعل الأساس، فلولا ما قام به ذلك البعض لما كانت هناك أي ردة فعل من الحكومة. هذا يعني أن ذلك البعض هو الذي أدخل البلاد في نفق مظلم وليس الحكومة، وما يجري حالياً هو نتيجة محاولاته لتبرئة نفسه وإلصاق التهمة بغيره.من الطبيعي أن تكون للحكومة ردات فعل، ولعلها تبالغ في بعضها وتخطئ في جانب من المعالجة أو تبدو قاسية، لكنها ليست هي السبب وراء ما جرى ويجري ليقال إنها بفعلها هذا أو ذاك أو بعدم فعلها هذا أو ذاك ستدخل البلاد في نفق مظلم، فمن أدخلها أو سيدخلها في النفق المظلم هو ذلك البعض الذي لم يقدر الأمور حق قدرها وأخفق في فهمه للواقع وكانت نظرته للمستقبل قاصرة.كثيرة هي الأخطاء التي وقع فيها ذلك البعض وتسبب بذلك في إرباك حياة الكثيرين وتضررهم رغم أن منهم من لا علاقة له به ولا يؤمن بأفكاره ومبادئه ولا يوافقه على فعله، وكثيرة هي المعالجات البعيدة عن الواقع التي طرحها ويطرحها ذلك البعض الذي من الواضح أنه يعتقد أن أمور التغيير تأتي بمجرد التعبير عن رغبة أو بقرار من الحكومة.الذي «تسبب» على البلاد هو ذلك البعض وليست الحكومة التي كانت تقر بوجود أخطاء ونواقص وتعمل على حلها واستكمالها وكانت تبذل جهوداً طيبة يراها الجميع وكان يمكن أن تحل الكثير من المشكلات. ما فعله ذلك البعض هو الذي أنتج كل هذا الذي نراه اليوم ونعيشه. أوهم نفسه أنه في ثورة، وأوهم الناس الذين لم يدركوا أن نظرته قاصرة وقراءته غير صحيحة إلا متأخرين، ولولا هذه الصحوة المتأخرة لما قال ما قال عن إدخال الحكومة البلاد في نفق مظلم.البديل الأفضل من توزيع الاتهامات وتعليق الأخطاء على مشجب الحكومة هو التوقف هنيهة للمراجعة وتقييم ما حدث والنظر إلى ما جرى ويجري على الناس ومستقبلهم بواقعية والتوقف عن الاستمرار في ذلك الحلم الذي لا يمكن أن يتحقق حتى لو حدث كثير من التغيير في المنطقة حيث التغيير أياً كان لن يكون في مصلحة ذلك البعض.ليس عدلاً الاستمرار في التلاعب بحياة الناس ومستقبلهم، وليس عدلاً الاستمرار في فرض تفكير ضيق كهذا على شعب البحرين الذي مر بالكثير من التجارب وتجاوز الكثير من الأزمنة ووصل إلى الكثير من القناعات التي لا يمكنه معها قبول الأفكار التي عفا عليها الزمن وتسليم الراية لمن لا يحسن رفعها.من تسبب على البحرين وأهلها هو ذلك البعض وليست الحكومة، ومن أدخل البلاد في ذلك النفق المظلم هو ذلك البعض، ومن عليه أن يراجع نفسه وينظر بواقعية إلى الأمور هو ذلك البعض، وليس الحكومة.
Opinion
قصة النفق المظلم
29 ديسمبر 2015