أكثر من حدث حصل في سوريا بالفترة الأخيرة دل على أن روسيا تعمل منفردة هناك ولا تقبل بشركاء تقاسمهم القرار السياسي والعسكري، فسلكت لتحقيق ما تريد طرقاً فهمها شركاؤها، وأوصلت رسالتها للرافضين وجودها.يبدو أن روسيا حسمت أمرها قبل أن تنزل قواتها في سوريا وقررت أنها لا تحتاج لشركاء بل ولا تسمح أن يكون لها شركاء، لكن الواقع وقتها يبين أن هناك فاعلين على الأرض ولهم وجود مثل إيران ومرتزقتها «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية، يقابلهم مجموعة فصائل المعارضة السورية، بالإضافة إلى تنظيم الدولة «داعش» وفي الأجواء كان التحالف الدولي، لكن العنجهية الروسية لم تكن تهتم لكل هؤلاء في سوريا، وما كان يشغلها خارج سوريا وهو إسرائيل، لذلك وقبل كل شيء توجهت نحوها وشكلت غرفة عمليات مشتركة مع سلاح الجو الإسرائيلي، وأجرت تدريبات عسكرية لقواتها الجوية مع نظيرتها الإسرائيلية لتجنب وقوع صدام بين طائراتيهما في الأجواء السورية، وأكثر من ذلك فقد صرحت بشكل رسمي أنها لن تتخذ أي إجراء يهدد الأمن القومي الإسرائيلي، كما أعلنت أنها تدرك أن لإسرائيل مصالح وأنها ستأخذ هذه المصالح بالحسبان عندما تصوغ سياستها الإقليمية.وبعد أن نسقت أمورها مع إسرائيل التفتت للآخرين فبدأت بإيران وقد دارت شبهات كثيرة حول روسيا في قضية قتل قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وقد تكون هذه التصفيات تكللت بقتل سمير القنطار الذي اتهم «حزب الله» إسرائيل بضلوعها في قتله لكنها لم تعترف بذلك مع أنها رحبت بقتله، وما يؤكد أن روسيا هي التي تولت عملية تصفيته طريقة الاستهداف التي لا تختلف عن طريقة استهداف قائد «جيش الإسلام» محمد زهران علوش، فالقنطار قتل بغارة جوية أطلقت خمسة صواريخ على عمارة كان القنطار في اجتماع بداخلها فسويت البناية بالأرض وقتل معه عدد من القياديين، وكذلك الحال مع زهران علوش فهو الآخر قتل بغارة جوية أطلقت عشرة صواريخ على عمارة كان في اجتماع داخلها وقتل معه عدد من القياديين، وسويت البناية بالأرض أيضاً، وهذا يشير إلى أن الفاعل واحد في كلتا العمليتين، فكانت نتيجة العملية الأولى أن إيران سحبت وحدات من الحرس الثوري التابع لها من سوريا إلى العراق بعدما تأكدت أن روسيا لا تقبل بها شريكاً وتتعامل معها على أساس أنها تابعة مع أنها شريكتها فعلياً في التحالف الرباعي، لكن إيران تعرف روسيا جيداً ولا تستطيع استعراض عضلاتها عليها فسحبت قواتها المهمة من طريق روسيا، أما الجهات الأخرى فترسل لهم روسيا رسائل مفادها أنها من تقرر في سوريا وليس النظام أو أي أحد غيره.