خرج مقاتلو تنظيم الدولة «داعش» من الرمادي عاصمة محافظة الأنبار العراقية، ومع أن بعضهم عاد بهجوم مباغت أوقع الخسائر بالقوات الحكومية، إلا أننا بعد مدة قليلة ربما سنشهد خروجهم من باقي مدن الأنبار، وسيتبع ذلك خروجهم من الموصل فإلى أين هم ذاهبون؟ليست هي المرة الأولى التي يشاهد فيها العالم ويعيش أهل الأنبار على وجه الخصوص أحداث فيلم «داعش»، فقد عاشوه وشاهدناه من قبل تحت عنوان «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين»، وكانت نهاية العرض الثاني مطابقة لنهاية العرض الأول، انسحاب بلا قتال، ولا جثث للتنظيم، وطرق تفتح للانسحاب بكل انسيابية، وقبيلة تبرز قائدة في الأولى «للصحوات» وفي الثانية «للحشد العشائري»، وفي كلا العرضين أمريكا حاضرة وتصور الحدث على أنه ملحمة تاريخية واستبسال ما بعده استبسال وتشيد بالقوات الحكومية التي صنعتها بدل الجيش العراقي، في العرض الأول للفيلم ذهب مقاتلو التنظيم إلى بطن صحراء الأنبار حتى جاء دورهم في سوريا ثم العراق وتوسعوا بسبب دولتين فاشلتين «سوريا والعراق»، لكن يبدو أن وجهتهم هذه المرة ستكون مختلفة فالمنطقة التي سيكون فيها العرض الثالث جاهزة.هذه المرة ستكون وجهة «داعش» شمال أفريقيا وهناك ستكون ساحة الصراع القادمة، ومع أن مصر ليست بعافيتها كما كانت إلا أنها ليست المنطقة التي سيتوجه التنظيم إليها، فقد حاول التنظيم ولم يفلح بسبب وجود الجيش المصري، وهو بحاجة إلى منطقة رخوة يعمل فيها، لذا أفضل مكان يعمل فيه التنظيم هي أجزاء من ليبيا وأخرى من تونس لتكون تونس وليبيا ساحة العرض الثالث لفيلم «داعش» ولهذا أسباب ومقومات، أهم هذه الأسباب وأكبرها مصالح الغرب في كلا البلدين التي لم يتم تقاسمها بعد، أما المقومات فهي كثيرة أهمها أن «داعش» يحتاج إلى دول ضعيفة رخوة، وليبيا اليوم تعد أرضاً خصبة لها، أما تونس فمع أن وضعها لا يقارن بليبيا إلا أنها ليست قوية داخلياً بالقدر الكافي وهي رخوة أيضاً، يضاف لذلك أن أكبر عدد من المهاجرين داخل التنظيم في سوريا والعراق هم من تونس وهم أعلم بأرضهم، كذلك فإن طبيعة الجغرافية في ليبيا وتونس تساعد على انتقال التنظيم إلى هناك، ومن إرهاصات هذا الأمر هو وجود إيران هناك ومحاولتها توسعة وجودها، وأي منطقة يراد لها أن تخترق تجد إيران قد سبقت إليها ليأتي بعد ذلك «داعش» ويبدأ العرض.أما كيف سيصل «داعش» إلى هناك؟ فسيكون ذلك عن طريق البحر وكما دخل إلى سوريا والعراق سيخرج منها محاولاً إزالة الحدود بين ليبيا وتونس هذه المرة، وبذلك يكون «داعش» حصان طروادة الذي يستخدمه الغرب لتحقيق مصالحه في منطقتنا، بعلم «داعش» أو بغير علمه.