ما حصل الجمعة الماضي في سترة كان لافتاً، وكان واضحاً أن الخطوات كان مرتباً لها، يتم الإعلان عن العزم على الخروج في مظاهرة في اليوم الأول من العام الميلادي، يسبقها التحشيد لها بدعم قوي من الفضائيات «السوسة» لعدة أيام، يستجيب البعض فيخرجون في مظاهرة يعرفون جيداً أن المعنيين بالأمن لن يسمحوا بها لأنها مخالفة للقانون وتتسبب في أذى الناس، يركبون رؤوسهم فيضطر رجال الأمن إلى التعامل معهم حسب القانون، يتم تصوير المشاهد بحرص شديد ويركز المصورون على الدخان الناتج عن مسيلات الدموع ويرسل بها إلى تلك الفضائيات مصحوبة بعبارات المظلومية لتبثها على الفور، ثم لينبري بعد قليل متحدث باسم الخارجية الإيرانية كي «يقدم النصح» ويقول كلاماً يؤكد أن إيران هي من رتبت الأمر كله وقامت بإخراج ما جرى بالكيفية التي تريد.أبسط رد على الخارجية الإيرانية يمكن تلخيصه في سؤال هو، ما دخل إيران في المشكلة؟ مشكلة محلية بين مواطنين يسعون إلى تحقيق أمور تشغل بالهم وبين حكومتهم التي لا توافقهم على ذلك أو لا توافقهم على طريقتهم في المطالبة، فما علاقة إيران بهذا؟ ولماذا لا نرى مثل هذا التدخل من أي دولة أخرى في العالم؟ ألا يؤكد هذا أن إيران هي التي تقف وراء كل هذا الذي حدث ويحدث؟ السيناريو هذه المرة بدا واضحاً للجميع، بل إنه لم يصعب على المتابع أن يتوقع خروج متحدث باسم الخارجية الإيرانية في نهاية المظاهرة ليقول كل ذلك الذي قاله، فقد سبق تنفيذ هذا السيناريو مرات من قبل، ولعل من خطط كان يتمنى لو أن أحداً من المشاركين في تلك المواجهات مع رجال الأمن فارق الحياة لسبب أو لآخر كي يتوفر مبرر أقوى للتدخل. عندما يدرج خبر مظاهرة كهذه كخبر رئيس في النشرات الإخبارية للفضائيات «السوسة» وخصوصاً فضائية «العالم» الإيرانية التي بذلت جهداً أكبر في التحشيد للمظاهرة فإن هذا يعني أن الأمر يهم إيران كثيراً، وإلا فإن مظاهرة كهذه يمكن أن تخرج في أي بلد ولا يتم حتى الالتفات إليها. وعندما تبث تلك الفضائيات تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بصفة «عاجل» فور انتهاء المظاهرة فهذا يعني أن الأمر مخطط له وأنه جزء من السيناريو المعتمد. وعندما يتم التركيز على إصابات بسيطة يمكن أن تحدث في أي مظاهرة في أي بلد من بلدان العالم وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بمثل هذه الصور فهذا يعني أن الأمر مدبر. وعندما تهتم إيران دون غيرها من دول العالم بكل هذا فهذا يعني أنها هي التي تقف وراء كل هذا الذي حدث ويحدث. الواضح بعد كل هذا وبعد كل تلك التصريحات أن إيران ترمي إلى توصيل رسالة ملخصها أن هذا النوع من أعمال الفوضى سيستمر إن لم يتم استئناف الحوار مع التيارات السياسية وإنها ستدعم هذا التوجه بقوة حتى يتحقق مرادها. وبما أن الحوار يبدو غير ممكن في هذه الفترة ولا أرضية له فإن هذا يعني أن البلاد مقبلة على فترة ستشهد خلالها الكثير من أعمال الفوضى التي تعطل حياة الناس ومصالحهم. اللعبة أضحت مكشوفة وصار يدركها الجميع، الأكيد فيها هو أنه لا يمكن أن توصل إلى النتيجة التي يتوخاها ذلك البعض ومن يقف وراءه ويدعمه ويضع المخططات له، والأكيد فيها أن مصيرها الفشل أياً كان حجم الإعلام المساند لها، فما لم يوصل إلى أي نتيجة في خمس سنوات لا يمكن أن يوصل إلى أي نتيجة بعدها خصوصاً بعدما انتبه الكثيرون إلى أن ما جرى ويجري له أهداف مختلفة وأنهم هم أول ضحاياها.