يقال دائماً إن مطرب الحي لا يطرب، وللحقيقة فإننا في البحرين نملك مقومات جميلة ورائعة وأصيلة وتراثية وتاريخية لكننا إما أهملناها، أو أننا لا نرى أنها موجودة وجميلة، لكننا نرى ما عند الآخرين ونضخمه، ولا نرى ما نملك من مقومات أصيلة لا يملكونها، وإرث تاريخي لا يملكونه.توجه الدولة اليوم نحو الاهتمام بالقطاع السياحي حتى وإن تأخر كثيراً إلا أنه توجه ممتاز إذا ما خصصنا ميزانيات لإقامة مشاريع تدعم وتستقطب العائلة الخليجية، والخليجيون هم أكثر الشعوب إنفاقاً على السياحة بالخارج، فلماذا لا يكون لنا نصيب ونحن في قلب الخليج، ونقدم للسائح الخليجي ما يريد أن يراه في البحرين.ما أعلن عنه سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد حفظه الله خلال تدشين المنامة عاصمة للسياحة الخليجية قبل أيام كان أمراً جميلاً ومبادرة طيبة من سموه، حين أعلن عن مشروع ترميم باب البحرين والسوق القديم بالمنامة، وأن يكون المشروع في عهدة هيئة السياحة بوزارة الصناعة، بالتعاون مع لجنة تطوير السوق القديم في الغرفة التجارية.هذا التاريخ والإرث الثقافي والحضاري الذي نمتلكه في سوق المنامة أو في سوق المحرق لا تمتلكه دول مجاورة، ورغم ذلك صنعوا لهم أماكن تراثية تم بناؤها بالطراز القديم لتصبح كما الإرث للدولة والشعب ويصبح من هوية الدولة.بينما نحن في البحرين نمتلك الإرث والتاريخ والزمان والمكان والأيادي البحرينية العاملة التي لا تتوفر لغيرنا، لكننا أهملنا قطاعاً مهماً كان بإمكانه أن يدر أموالاً على الدولة والاقتصاد والتجار وكل الحركة التجارية، وانصرفنا إلى أمور أخرى لا تدر دخلاً على الدولة، ولا تدعم الاقتصاد بشكل دائم.من هنا فإننا نشكر مبادرات سمو ولي العهد التي جاءت في وقتها المناسب، ونتمنى أن تتحرك الأمور سريعاً في سبيل أن يكون لدينا سوق بحريني قديم وبعبقه التاريخي وبأيادٍ بحرينية وأن يشمل التطوير كل السوق القديم، وأن يكون مكيفاً في الصيف، وأن تقام له مواقف السيارات الكافية التي تجعل السائح يوقف سيارته في مكان آمن وقريب، ويستطيع أن يتسوق هو وعائلته ويعود إلى سيارته.ما تم إنجازه في سوق باب البحرين حتى اليوم تشكر عليه الدولة، كانت بادرة طيبة، وحققت نجاحاً، لكن هذه البادرة تحتاج إلى أن تكتمل وأن نحدد النواقص ونتلافاها حتى نسهل قدوم السائح صيفاً وشتاءً إلى السوق، وأن نوسع السوق بشكل أكبر فهو صغير اليوم.باعتقادي أن الطرقات حول السوق القديم تحتاج إلى تطوير، وإلى أن نجعل السوق سهل الوصول وسهل المغادرة وصولاً إلى الطرقات الواسعة والكبيرة، وأن يفتح تقاطع الفاروق أمام السيارات حتى تسهل الحركة وتخف الاختناقات.كان هناك مشروع سمعنا عنه منذ سنوات مضت وهو ربط الأسواق القديمة والمجمعات التجارية بشبكة ترام أو مترو تجعل الرحلة للسائح جميلة وممتعة وتمكنه من التنقل بين أسواق البحرين بصورة جميلة جداً، لكن لا أعرف أين ذهب هذا المشروع.نتمنى اليوم أن تطلق مبادرة أخرى إلى سوق المحرق القديم، فلا نعرف أين وصلت الأمور ولماذا كل هذا التأخير؟ «كل شيء في المحرق يتأخر ويعاق وأحد أسباب ذلك قد يكون المجلس البلدي»، فمشروعات الأسواق بالبحرين ينبغي أن تكون تكاملية، وأن أجعل أمام السائح خيارات متعددة في المنامة والمحرق وفي أي مكان آخر. كل المبادرات الحكومية والتي يقرها مجلس الوزراء الموقر لتنشيط السياحة والقطاع الاقتصادي هي مبادرات طيبة ونتمنى أن يوضع جدول زمني للتنفيذ، فيما يخص سوق المنامة القديم وباب البحرين، وأن يتم أخذ آراء أصحاب الاختصاص والتجار العاملين في السوق حتى نصل إلى عمل متكامل قدر الاستطاعة.