بعد أن أثني على مقال الزميل إبراهيم الشيخ في الزميلة أخبار الخليج بالأمس عن الخطابات الرسمية الاستفزازية التي تتحدث عن التقشف، أزيده من الشعر بيتاً أن أكثر جملة أصبحت تستفز الناس حين الحديث عن السياسات الاقتصادية التقشفية الجديدة هي عبارة «عدم المساس بمكتسبات المواطن» لأنها تستفز ذكاءه وتشعره أن من يخاطبه ينظر له على أنه مغفل.إن كان المسؤولون لديهم معادلة رياضية مالية اقتصادية لا نفهمها توضح ما يقصدون في أن قرارات رفع الدعم «لن تمس مكتسبات المواطن» فليخبرونا بها، فإن كانت المعادلة أكبر من مستوى تفكيرنا، خارج نطاق استيعابنا، فوق مستوى ذكائنا، فليتفضلوا ليشرحوها لنا بتبسيط يتناسب مع مستوى فهمنا، لأن رؤيتنا المحدودة و مستوى ذكائنا القاصر و«ألاي كيو» الخاص بنا والمتواضع والمتدني «عيز خيل أبوه» أي عجز عن فهم تلك العبارة.المواطن يرى أن رفع الدعم مسه بل مس مكتسباته و سيمس وضعه المعيشي، فهل تتكلمون عن مواطن غير الذي نتكلم عنه؟ فإن كنت تريد أن تقول إن الوضع المعيشي السابق كان مرفهاً، وتريد أن تقول إن القرارات ستعيد الأمور لنصابها والمواطن لن يكون مرفهاً لكنه سيكون في المستوى الطبيعي، فتلك حكاية أخرى، إذ أن الرفاهية مقياس قد نتفق عليه أو نختلف، إنما مكتسبات المواطن السابقة ستمس وكلفة السلع التي تشمل غذاءه والطاقة التي يستخدمها (كهرباء و بنزين) وغاز ستزيد، وإن كان السعر السابق مكتسباً له فأنت ستمس ذلك المكتسب، فلا تستغفله.المواطن سيدفع من جيبه قيمة الفارق في السعر، لأن التعويضات التي قررتها الحكومة (كماً ونوعاً و طريقة توزيع) لا يوجد لها وصف سوى أنها (ما تمضمض) ولا تسمن ولا تغني من جوع، عدا عن كون بعضها مضحكاً مبكياً وذلك للارتجال غير المدروس.فماذا يعني أن المتزوج من أربع زوجات لن يرفع عنه الدعم، ومن أسكن أبناءه في بيته وبنى لهم شققاً خاصة لكل واحد منهم سيرفع عنه الدعم؟ هل هذا جزاؤه لأنه خفف الحمل عن وزارة الإسكان؟ماذا يعني أن لكل أسرة 250 لتراً بنزين، ونحن نعرف أن أقل أسرة لديها 3 سيارات، لا رفاهية بل لأنهم مضطرون لعدم وجود مواصلات عامة توصلهم لأعمالهم، فالأم تعمل والأب يعمل والأبناء يعملون (وما ملحقين). أقسم بالله، إن المواطن مستعد أن يقدم على تضحيات أكبر من هذه التي تخشون أنه لن يقبلها، فقط احترم ذكاءه، واحترم كرامته.المواطن مستعد أن يتقشف في الصرف على نفسه حين لا يرى بذخاً في موقع آخر، حين يرى كل من على هذه الأرض تقشف معه، المواطن لا يرفض التقشف من أجل الوطن، بل يدعو إلى التوزيع العادل للتقشف، لا أكثر و لا أقل. وحين يرى صرفاً في موقع ما، في نشاط ما، ترى الدولة أنه صرف محسوب وفي محله لأن مردوده الاقتصادي سيكون أكبر، ليخرج أحد منكم للناس ويتحدث معهم و يخاطب عقلهم ويشركهم معه ويشرح لهم حسبته، فإن أقنعته فإنه سيشاركك برامجك وخططك وإن لم تقنعه فتحمل ما سيأتيك منه وذلك حقه.