نكتب هذه السطور ونحن مدركون للوضع الصعب الذي تمر به البلاد وكثير من دول المنطقة المعتمدة في النفط كمورد أول، لكن في نفس الوقت نكتب ونحن نفكر في المواطن وكيف ستؤثر على حياته القرارات الأخيرة. إعادة توجيه الدعم بشأن اللحوم أخذت لها نصيباً من السجال بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأخذت حيزاً من الوقت قبل أن تطبق، لكن في حالة رفع أسعار البنزين أو «تعديل الأسعار» كما قيل رسمياً في المؤتمر الصحفي يوم أمس، جاءت بصورة مفاجئة، خاصة مع إعلان التطبيق مع صباح اليوم. المثير في الموضوع، ونحن نتحدث عن إقرار المسألة وتوقيت تطبيقها، أن بعض النواب أعلنوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن عدم درايتهم بتطبيق القرار، وأنه لم يمرر عليهم، في الوقت الذي بين فيه وزير الإعلام أن عملية رفع أو إعادة توجيه الدعم حظيت باجتماعات عديدة بين السلطتين في الفترة الماضية، وأن المبدأ تم الاتفاق عليه حتى في برنامج عمل الحكومة. وعليه فإننا اليوم أمام واقع تم إقراره، ولا أظن أن مجلس النواب في جلسته اليوم سيخلص لنتيجة مغايرة قد تؤجل القرار أو تلزمه بموافقة من المجلس التشريعي. بالأمس تكدست السيارات بصورة غير مسبوقة في تاريخ البحرين أمام محطات تعبئة البنزين، طوابير طويلة تم تناقل صورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويبدو أنها خطوة فيها اتفاق غير مخطط له بأن تتم الاستفادة من تعبئة السيارات في اليوم الأخير لتطبيق السعر القديم، ما يعني أن هناك احتمالية بإقبال ضئيل خلال الأيام الثلاثة أو الخمسة القادمة ما قد يؤثر على حركة بيع البنزين. لكن ورغم ذلك، فإن أي تراجع في هذا الجانب سيتم تعويضه حينما يقوم المواطن بشحن سيارته مرة أخرى. وحينما نتحدث عن التعويض، فإننا نستذكر ما حصل بشأن إعادة توجيه الدعم للحوم، حينما تم تعويض المواطن بمبالغ، رغم أنها لم ترتق لطموح الناس وحظيت بردود فعل أغلبها غير راضية، إلا أن الفكرة هنا بأنه تم تعويض الناس عن عملية إعادة توجيه الدعم آنذاك، ما يدفعنا للتساؤل هنا عما إذا كانت هناك نية لإيجاد نوع من التعويض المادي بالنسبة لرفع أسعار البنزين؟!مع ولائنا المطلق للدولة والقيادة واحترامنا الشديد وتقديرنا للحكومة الموقرة، إلا أنه من باب الأمانة يستوجب علينا الإشارة بقوة للاستياء الذي طال الناس، في وقت كان التخوف من أن تطال عملية التقشف حياتهم، إذ في إعادة توجيه الدعم عن اللحوم قيل بأنها ستميز المواطن عن الأجنبي من خلال مبلغ الدعم، فماذا عن أسعار المحروقات؟ نفهم تماماً ما قاله المتحدث الرسمي بالأمس بشأن الحرص على ديمومة القدرة المالية للدولة، وهي نقطة هامة جداً ولابد أن يحسب حسابها في ظل الوضع الخطير لسعر النفط، إذ أن عدم اتخاذ قرارات صعبة يدفعنا للاضطرار لها، قد يدفعنا لمواجهة واقع أخطر مستقبلاً إن لم نعد العدة له، وهنا نستذكر الحديث بشأن ديمومة صرف الرواتب وضمان وضع المصروفات التشغيلية. ورغم الإدراك التام لذلك، إلا أنه يعز علينا كمواطنين اليوم أن نرى تأثر الناس بمثل هذه الخطوات، إذ مازالت بعض العمليات الخاصة ببعض الوزارات غير واضحة، وهنا نتحدث عن نتائج رقمية لا بد أن تعلن بشأن ماذا وفرته سياسة التقشف بالنسبة لكل وزارة وقطاع منذ أعلن تطبيقها؟! حالها كحال الرقم الذي عرض بالأمس وبين بأن تعديل أسعار البنزين بنوعيه الجيد والممتاز ستوفر 56 مليون دينار. ما نريد قوله هنا، بأننا ندرك حقيقة الوضع، لكننا تمنينا أن تطال عمليات التقنين والتقشف قطاعات وخدمات لا يتأثر منها المواطن مباشرة، وأن نحرص على أن يكون المواطن وما يستفيد منه في آخر القائمة. ندعو الله أن يسهل الأمور علينا، وأن يكون الوضع الحالي مؤقتاً، وأن ينفرج مع تحسن الأوضاع الاقتصادية.