ما جاء في حيثيات الأحكام التي صدرت عن القضاء الكويتي أخيراً بشأن «خلية العبدلي» المتهم فيها عناصر مرتبطة بـ «حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الإيراني بتنفيذ عمليات إرهابية في الكويت والتخابر لمصلحة إيران والتي قضت بالإعدام على شخصين أحدهما إيراني والآخر كويتي، ما جاء في الحيثيات يؤكد أن لإيران مطامع في الكويت ودول مجلس التعاون كافة وأنها تنفذ بدقة خططاً وضعتها لتحقيق مآربها، وتضع أمام المشككين في اتهامات البحرين لإيران تدخلها في الشؤون الداخلية للمملكة مثالاً واضحاً يؤكد كل ذلك ويحشر المتطوعين للدفاع عن حكومة الملالي في زاوية صعبة.فحسب ما نشر أوضحت المحكمة في حيثيات الحكم أن «الحرس الثوري الإيراني يضمر نوايا عدوانية تجاه البلاد ويسعى للقيام بأعمال تخريبية بداخلها بهدف إسقاط نظام الحكم فيها في قبضة الثورة الإيرانية»، وأن المحكمة اتهمت الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» بـ «السعي نحو تشكيل ميليشيا سرية مسلحة في البلاد واستقطاب وتجنيد أكبر عدد للعمل فيها بموازاة القوات العسكرية والأمنية النظامية في البلاد لزعزعة الأمن بذريعة قتال التكفيريين».نحن إذن أمام فضيحة إيرانية من الدرجة الأولى سيتم الرد عليها بتصريح مقتضب تتبرأ فيه إيران من المتهمين وتنفي الاتهامات الموجهة ضدها، وليس بعيداً أن تقول إنه لا علم لها بما حدث وأنها فوجئت بأن المحكمة تورد اسمها في الأحكام التي أصدرتها. لكن كل هذا النفي لا قيمة له لأن في المقابل تتوفر الكثير من الحقائق التي تؤكد نوايا إيران وخبثها، وتوجد الكثير من الأدلة والبراهين على سعيها لزعزعة الاستقرار في الكويت والبحرين والسعودية ومختلف دول مجلس التعاون، فهي تريد جعل هذه الدول سوريا أخرى وعراق ويمن آخرين.هكذا هي حكومة الملالي دائماً، تحرض وتشحن الآخرين وتدفع عناصرها ليصيروا ضحايا ثم عندما ينكشف أمرهم تقول ببساطة إنها بريئة ومظلومة ولا علاقة لها بكل ما جرى! بل لا تتردد حتى عن إدانته وشجبه واستنكاره وإصدار بيان يؤكد وقوفها إلى جانب الدولة التي استهدفتها.لكن ما حدث في الكويت والبحرين وغيرهما من دول المنطقة حدث قبل تنفيذ الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران والولايات المتحدة ودول أوروبا، فكيف سيكون الحال الآن حيث من المتوقع أن يتم الإعلان عن بدء تنفيذ الاتفاق اليوم أو غداً حسب تصريح المسؤولين الإيرانيين؟ وهل هذا البدء يشكل انعطافة من شأنها أن تحدث تغييرات في العلاقات بين الدول في المنطقة تتيح لإيران العبث بحرية وبقلب أقوى في دول الخليج العربي؟ هذا سؤال في غاية الأهمية ينبغي البحث فيه بسرعة وتوفير الإجابات عنه بوضوح، فإيران قبل الاتفاق النووي شيء، وبعد تنفيذه شيء آخر، فإذا أضيف إلى كل هذا انهيار أسعار النفط ودخول بعض دول مجلس التعاون كطرف مباشر فيما يجري في سوريا والعراق واليمن فهذا يعني أن العوامل المعينة على تعرض دول التعاون لأحابيل إيران وحيلها صارت متوفرة بشكل أكبر، ومعينة لها على تنفيذ الكثير من العمليات الإرهابية بمختلف الحجج التي أبرزها محاربة تنظيم الدولة «داعش» والتنظيمات الإرهابية.المتابعون للشأن الإيراني يمكنهم التأكيد على أنه لن يهدأ بال إيران إلا بعد أن تنفذ ما ظل يدور في رأسها طويلاً ويداعب مخيلتها وتحلم به، أي أنها ستبدأ محاولاتها زعزعة الأمن في دول المجلس من جديد أو بالأحرى ستواصل في هذا الطريق مستفيدة هذه المرة من الاتفاق النووي الذي لا أحد يعلم تفاصيله والبنود السرية فيه والذي ستشد به ظهرها.فور بدء تنفيذ الاتفاق النووي ستصدر إيران بياناً تحاول من خلاله طمأنة دول المجلس بالقول إنها لن تتدخل في شؤونها ولن «تستأسد» لكنها ستفعل عكس ما تقول.