القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري اعترف قبل يومين بشكل رسمي عن «وجود ما يقرب من 200 ألف مقاتل مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني موجودين في خمس دول هي سوريا والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان» والتي تعيش جميعها اضطرابات وحروباً دائرة على مدار سنوات، فيما دعا الشباب الإيراني «للمشاركة في الحرب بسوريا والعراق واليمن».حسب ما يتداول فإن جعفري «اعتبر أن التحولات بمنطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة إيجابية ولصالح الجمهورية الإسلامية»، و«أن ذلك يستتبع تجهيز جيل من الشباب الإيراني لدعم الثورة الإسلامية»، لافتًا إلى «أهمية حضور الشباب الإيراني في معارك سوريا والعراق واليمن».هذا الاعتراف غير العادي دفع وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور قرقاش إلى نشر تغريدة في حسابه على «تويتر»، قال فيها «طهران مطالبة بتوضيح تصريح قائد حرسها الثوري محمد علي جعفري بوجود 200 ألف مقاتل في جبهات إقليمية ممتدة من باكستان إلى سوريا مروراً باليمن». التوضيح المتوقع من طهران لن يخرج عن القول إن «كلام جعفري أسيء فهمه»، وإنه «لم يكن يقصد هذا أبداً»، ولن يكون مستغرباً نفيها الخبر جملة وتفصيلاً. لكنه للأسف ما نسب إليه حقيقة حتى لو لم يصرح هو أو غيره من المسؤولين في هذه الدولة التي صدها الشيطان عن السبيل بالدور الذي تمارسه في كل هذه الدول وبقيامها بتدريب الشباب كي يكونوا وقوداً لمغامراتها الفاشلة.اليوم يعلم الجميع أن للحرس الثوري الإيراني دوراً كبيراً في المعارك الدائرة في سوريا وأن وجودها هناك تجاوز مرحلة «المستشارين» التي ظلت تخدع العالم طويلاً بالقول إنه لا أحد من رجالها غيرهم هناك، وإن عملهم يقتصر على تقديم النصح. واليوم يعلم الجميع دور الحرس الثوري الإيراني في العراق الذي تحول إلى مستعمرة إيرانية وصارت قراراته المصيرية تصاغ في طهران وليس في بغداد، ويقال إن ما يقرب من ثلاث وعشرين ألف متطوع إيراني يعملون ضمن خمس فصائل تابعة للحشد الشعبي جرى تدريبها من قبل قادة إيرانيين ويدفع الحرس الثوري رواتبهم. واليوم يعلم الجميع أيضاً أن سر استمرار الحوثيين في حربهم ضد بلادهم هو الدعم والمساندة التي يحصلون عليها من إيران و«مستشاريها»، وليس بعيداً أن يكون الحرس الثوري الإيراني مشاركاً في المعارك التي تدور هناك منذ عشرة أشهر، ولعل الوقت لن يطول حتى يرى العالم المسؤولين في إيران وهم يستقبلون توابيت الضباط والجنود الإيرانيين المحمولين في طائرات والعائدين من اليمن، مثلما استقبلوا ولايزالون يستقبلون توابيت أشقائهم الذين خسروا حياتهم في سوريا والعراق وأفغانستان.مائتا ألف مقاتل من الحرس الثوري الإيراني متواجدون في خمس دول ويقومون بمهمات قتالية، معلومة غير عادية لكنها ليست غريبة حيث المعلومات تؤكد أن الحرس الثوري الذي يعمل خارج حدود إيران ومرتبط بشكل مباشر بالمرشد الأعلى علي خامنئي استحدث أخيراً «قوة الردع الإلكتروني والاستخباراتي والثقافي»، ومستمر في تدريب الشباب الإيراني وغير الإيراني في عدة معسكرات في إيران وخارجها.بالتأكيد لا يمكن التغافل عن مسألة أن هذا العدد الكبير من الشباب الإيراني الذي يتم تدريبه سيوظف أيضاً لإخماد كل صوت في أرض الأحواز العربية يرتفع مطالباً بالحرية وبالاستقلال عن إيران التي اغتصبتها قبل نحو تسعة عقود واستمرت في مخطط تهجير أهلها العرب والتنكيل بهم وتجويعهم.يوماً بعد يوم تتكشف خيوط اللعبة ويتبين الدور الإيراني المشبوه في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان وغيرها من الدول الوارد اسمها في المخططات الإيرانية الرامية إلى السيطرة على كامل المنطقة بغية تسيدها، وليس بعيداً أن يكون الرقم الذي أعلن عنه جعفري أقل بكثير من الرقم الحقيقي.