طلب إبليس من الله سبحانه وتعالى أن ينظره إلى يوم يبعثون، عاصياً ومتكبراً، مؤثراً ألا يتوب، ومتوعداً بأن يغوي عباد الله عن الطريق القويم ويزين لهم طريق السوء ليدخلوا النار بدلاً من الجنة.وعليه فإن الشيطان الرجيم لا توبة له، ولا تنتظر منه التوبة أصلاً، وإن ادعى بأنه في فترة ما سيتحول لملاك طيب، إلا أنه يظل شيطاناً في داخله، الشر والسوء والكيد متأصل فيه.إيران كما هو حال الشيطان، لا توبة لها مما تفعله بجيرانها في دول الخليج العربي، ولا توبة لها من الإجرام الذي تنتهجه ضد من يخالفها، وضد المسلمين السنة، وحتى المسلمين الشيعة الذين لا يؤمنون بأنها ووليها الفقيه أوصياء على شيعة المسلمين.فإن كان الخميني قد أطلق على الولايات المتحدة الأمريكية مسمى «الشيطان الأكبر»، فإننا اليوم نتأكد بشكل قاطع بأن إيران بالنسبة لنا أهل الخليج العربي وأهل البحرين هي «الشيطان الأكبر» ولا أحد غيرها، أقلها الغرب يغير جلده ويتلون حسب المصلحة، يمكن أن يكون حليفاً أحياناً، أو شريكاً في مصلحة اقتصادية أو تجارية أو سياسية، لكن إيران حتى ونحن نبدي لها حسن النوايا ونتعامل معها بالحسنى، كانت جارة سوء، وكانت عدوة بمكائدها ومخططاتها وتدابيرها ضد أمن واستقرار بلادنا.وعليه الاعتذار الأخير الذي صدر عن خامنئي إيران بشأن ما طال سفارة الشقيقة المملكة العربية السعودية من اعتداء ساهمت في حمايته الجهات الأمنية الإيرانية نفسها، اعتذار كاذب، إذ لا يصدق الشيطان في أي قول، والرد جاء واضحاً وصريحاً من قبل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن المطلوب اليوم من إيران ليس تقديم الاعتذار، بل تغيير سياساتها في المنطقة والتوقف عن كونها «الحاضنة الرئيسة» للإرهاب.الاعتذار بالكلمات سهل جداً، لكن الاعتذار بالأفعال هو المستحيل بعينه بالنسبة لإيران، فهذه الجارة العدوة يستحيل أن توقف مخططها المعني بالتمدد الصفوي والتغلغل داخل دول الخليج العربي، مستحيل أن توقف دعمها لعميلها المجرم بشار الأسد ليتوقف بذلك عن قتل الأبرياء في سوريا، ومن المستحيل أن تنهي وجود ذراعها العسكري الإرهابي «حزب الله»، بل هم «حزب الشيطان»، وهم الخاسرون بإذن الله.في جانب آخر مما يثير الضحك تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأخيرة، إذ قال مبدياً مخاوفه من أن يصل جزء كبير من الأموال التي ستحصل عليها إيران من رفع العقوبات إلى أيدي مجموعات مرتبطة بالحرس الثوري، وهذه المجموعات تعتبرها واشنطن مجموعات إرهابية!أهناك سخف أكبر من هذا التصريح؟! إذ من استمات على إبرام الاتفاق النووي مع إيران غير الولايات المتحدة نفسها وباراك أوباما شخصيا؟! بالتالي ألم يدر في خلدهم أن هذا السيناريو يمكن حدوثه؟! ألم يعرفوا بأن لإيران سوابق عديدة في مختلف عواصم العالم استهدفت فيها شخصيات واغتالت منهم، وكلها نفذت من قبل الحرس الثوري في ظل الدعم السابق، فما بالكم بالدعم الحالي بعد رفع العقوبات؟!ما فعلته واشنطن من خلال اتفاقها، أنها منحت إيران «منحة مالية مليونية» كانت مجمدة وكأنها في حساب توفير بنكي، منحت لهم هكذا بسهولة، وكأن البيت الأبيض يقول لطهران تفضلوا ادعموا بشار الأسد بمزيد من الأموال ليريق مزيداً من الدماء في سوريا، عززوا قدرات «حزب الله» لتظل لبنان تحت قبضته، ادعموا الحوثيين لتستمر حرب «إعادة الأمل» ولتستنزف المزيد من الموارد والأرواح، وواصلوا إنشاء الخلايا الإرهابية وتدريب العملاء وابتكار المخططات للطوابير الخامسة في بلدان الخليج من خلال دعم نزل هكذا دون حسبان.تخيلوا أن أمريكا منحت الضوء الأخضر لإيران لاستلام 55 مليار دولار، واليوم ها هو جون كيري «يولول» خوفاً من أن جزءاً من هذا المبلغ قد يذهب في يد جهات إرهابية!ما يحصل اليوم «خلط للأوراق» بدأته الولايات المتحدة نفسها، وعبر سياسة أوباما التي زادت تخبطاً في أيامه الأخيرة، فلا هو أغلق معتقل غوانتنامو كما وعد مرات ومرات، ولا هو أصلح الاقتصاد الأمريكي كما أقسم للشعب الأمريكي، ولا طور علاقات بلاده بحلفائه طويلي الأمد، بل ساهم في صناعة تنظيم الدولة «داعش» وفي «فك قيد» الإرهاب الإيراني ومنحه ملايين الملايين.وعليه الموقف الخليجي والعربي والإسلامي الذي يستند على الموقف السعودي ويقف معه بقوة، هو الرد الواضح على مثل هذه «الطبخات» الغربية التي بدأ «طباخو» البيت الأبيض طبخها منذ سنوات قريبة، حرب النفط سلاح حاسم استخدم بشكل وكأني أراه رغبة سعودية لتذكير الأمريكيين بالتاريخ الماضي الذي أوقف فيه الملك فيصل رحمه الله النفط ودفع أمريكا لترسل موفديها للتوسل عند قدمي الملك السعودي الراحل، على أوباما أن يفهم الرسالة.الخلاصة، لا توبة لإيران مما تفعله معنا، ولا أمان للأمريكيين إن واصلوا دعم الإرهاب الإيراني بمنح طهران تسهيلات بحجة الاتفاق النووي، الخليج والعرب والعالم الإسلامي يتجه لتوحيد صفوفه والتمثل بموقف واحد، الرسالة واضحة تماماً، ويظل علينا الانتظار والترقب.