مجلس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ليس مجرد مجلس عادي يتم فيه تداول السلام والتحيات والأحاديث التقليدية وحسب، بل هو فعلاً مجلس تعليمي، يتعلم فيه الحضور ويتداولون فيه الأفكار ويثيرون فيه النقاش حول القضايا المهمة والراهنة حتى يتوصلون إلى توصيات عملية تخدم وتفيد المجتمع. وبالفعل فإن مجلس الأمير خليفة هو تجسيد حقيقي للعبارة المتداولة «مجالسنا مدارسنا». فهو مدرسة لجميع رواده من مختلف القطاعات، وما أعظم أن يكون معلمك هو خليفة بن سلمان. هذا المعلم الكفء، ذو الخبرة العملية الطويلة، والنظرة البعيدة الثاقبة، فضلاً عن صفاته التي لا تخفى على أحد من رواد مجلسه وهي التواضع الممزوج بعظمة الأمراء وحرصه الشديد على التعرف عن قرب على الجميع والسؤال عنهم وعن تطوراتهم بصفة شخصية.ولربما أكثر ما يخالجني عندما أكون في مجلس سموه رغبتي بأن يكون جميع شعب البحرين حاضراً للاستماع لسمو الأمير والاستفادة من كلام وتوجيهات سموه. فمجلس سموه يتصف بالجرأة في الطرح حتى إنني أشعر أن ما يدور في مجلسه هو جلد للذات وانتقاد إيجابي للواقع، ورغبة صادقة للتغيير والتطور، وانفتاح وشفافية مطلقة في طرح القضايا دون محاولة تجميل الواقع أو إعطاء الوعود.وفي مجلسه الأخير الذي تشرفت بحضوره، تحدث الأمير خليفة الإنسان بكل صدق كعادته، وقال سموه: «عندما أدعوكم إلى مجلسي فإني أريد أن أستمع منكم، وعندما أتحدث إليكم فإنني أريد أن تنقلوا عني»، «وكان يقصد هنا كتاب الرأي»، وأضاف قائلاً: «أوصيكم بالتدوين والتوثيق، لكي تحفظوا كل ما يدور حولنا من التشويه والعبث، فالتاريخ يعيد نفسه، فدونوا كل شيء يجري من حولكم خشية أن يدخل عليه العبث والتزوير، وإذا أردتم أي نوع من أنواع الدعم فأنا مستعد لذلك، أكتبوا، ووثقوا أفكاركم، وقوموا بدوركم الصحيح ككتاب رأي في تنوير الرأي العام».تحدث صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان عن أهمية التدوين، مؤكداً أن «الإنسان لم يسمَ إنسان إلا لأن «النسيان» صفة أصيلة من صفاته وخصائصه»، مشدداً على «أهمية التوثيق ودوره في حفظ التاريخ الإنساني من العبث والتشويه».وها نحن نخرج من أزمة سياسية قاسية، تعلمنا منها الآلاف من العبر والحكم، لندخل في أزمة سياسية اقتصادية لا نعرف أبعادها. فهل هناك مدون لما دار خلال أزمة 2011؟ وهل هناك من موثق لما يجري حالياً؟لن أبخس حق أي جهة فمن الطبيعي أن تكون هناك جهات رسمية دونت ووثقت ما دار من أحداث في تلك الفترة، أو حتى في هذه الفترة، ولكننا نحتاج أيضاً إلى جهود أخرى وزوايا أخرى في عملية التوثيق، لكي تكون بمثابة إضافة للمكتبات البحرينية، ولكي نحفظ بالفعل تاريخنا من أن يشوبه أي تزوير أو تزييف بسبب عدم تدوينه.
Opinion
مجالسنا.. مدارسنا
24 يناير 2016