تصريح وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير عن الحال إثر رفع العقوبات عن إيران وقوله إنه «سيكون تطوراً مضراً إذا استخدمت طهران الدخل الإضافي لتمويل أنشطة شريرة» تصريح يعكس قلقاً سعودياً وخليجياً من ممارسات حكومة إيران التي للأسف لاتزال دون القدرة على التخلص من سيطرة أجندتها القديمة فتبتعد عن الحكمة ولا تستطيع اقتناص الفرصة، لتصحيح علاقاتها بجيرانها وتوفير أمثلة عملية تعين على طمأنتهم وكسب ثقتهم، فواقع الحال يبين أن إيران لن تتوقف عن ممارسة أنشطتها الشريرة وأنها ستستمر في السير في الطريق الذي اختارته لنفسها، ما يؤكد أن الأضرار التي تتكبدها من هذه السياسة هي التي توفر لها أسباب البقاء في السلطة.حسب ما تم تناقله من تقارير وما أعلنه رئيس البنك المركزي الإيراني فإن إيران ستستعيد بسبب رفع العقوبات 32 مليار دولار من أموالها المجمدة في المصارف الدولية والتي يقال إنها تزيد عن المائة مليار دولار، كما أكدت التقارير أن «الاتفاق النووي الإيراني سيفتح الأبواب لطهران على مصاريعها للاستثمارات الخارجية والمبادلات التجارية وأنها ستتمكن من تصدير واستيراد الأسلحة، شريطة ألا ترتبط ببرنامجها النووي، وجذب استثمارات أجنبية، بما فيها الأمريكية، خاصة في مجالات الطيران والبنوك والتأمين والنفط والغاز والبتروكيماويات والنقل البحري والموانئ وتجارة الذهب والسيارات»، أي أن إيران لو تمكنت من اقتناص الفرصة وتوقفت عن ممارسة أعمالها العدائية ستتمكن من جعل الشعب الإيراني يعيش حياة لم ترد في خياله ولم يرها حتى في الأحلام. التقارير أبرزت أرقاماً بالمليارات، وكلها اتفقت على أن إيران لو ألغت خطط الأعمال الشريرة أو حتى جمدتها لبعض الوقت فإن الشعب الإيراني المسكين الذي عانى كثيراً سيعرف معنى عبارة رغد العيش لأول مرة في حياته وسيشعر أنه صار محترماً، ومعترفاً به، وموجوداً.تصريحات علي خامنئي الأخيرة التي دان فيها الهجوم الذي استهدف سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد وتصريحات محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني المهدئة والمؤكدة بأن الدخول في عداوة مع السعودية خطأ وكارثة، تصريحات من شأنها أن توفر أساساً يمكن أن يقود إلى الدخول في مرحلة تتوقف فيها إيران عن ممارسة تلك الأعمال الشريرة وتستفيد من الأموال التي دخلت وستدخل عليها.اليوم لا مفر من اختيار إيران لأحد طريقين، الاقتصاد أو السياسة الرعناء، التنمية أو الاستمرار في هدم حياة الشعب الإيراني، احترام الجيران والتعاون معهم أو معاداتهم وتهديدهم والاستمرار في محاولات زعزعة استقرارهم. على إيران اليوم أن تختار الخير أو الشر، فلا يوجد طريق ثالث يجمع بين الخير والشر.إن اختارت طريق الخير ربحت وربح معها الجميع وصارت سبباً في استقرار المنطقة والقضاء على الإرهاب، وإن استمرت في طريق الشر خسرت ونبذت من كل من هم حولها وعانى منها الجميع وعانت المنطقة برمتها. أما أول طريق الخير فهو المسارعة في رأب الصدع بينها وبين المملكة العربية السعودية التي لم تكن لتتخذ هذا الموقف وتغضب إلا بعد أن فاض بها الكيل وعانت من إيران الكثير وعيل صبرها. وبالتأكيد فإنه لا يكفي لتصحيح كل تلك الأخطاء تصريحات تقال على لسان هذا المسؤول أو ذاك فالأمر يحتاج إلى عمل دؤوب وصادق وتحرك دبلوماسي نشط يفضي إلى إغلاق العديد من الأبواب التي صار لا بد من إغلاقها كي تعود المياه مع الشقيقة الكبرى إلى مجاريها.بيد طهران أن تصير رقماً موجباً فتربح، ولو أن هذا «يتطلب تغييرات كبيرة في سياستها وسلوكها» كما قال الجبير، وبيدها أن تستمر في السالب الذي اختارته لنفسها فتضيع وتضيع المليارات الكثيرة التي عادت إليها.