الأهداف من وراء عبارة «إيران تدافع عن المستضعفين وتنتصر لهم»، والتي يكررها المسؤولون الإيرانيون في كل حين، بمناسبة ومن غير مناسبة، واضحة ولا تقبل التأويل، فبهذه العبارة المليئة بالعواطف والوعود تستدرج إيران كل من يعتبر نفسه من المستضعفين فتكسبه إلى جانبها أو تحيده، فتضمن بذلك لنفسها الظهور بمظهر المنقذ والمناصر للمظلوم وللآخر الذي يختلف معها الظهور بمظهر المعادي للمستضعفين، وهذا وهذاك يتيحان لها وصم كل من يختلف معها بالإرهابي أو بالمساند للإرهاب.هذه اللعبة باتت مكشوفة لكنها مع هذا لاتزال للأسف تنطلي على كثيرين فيعتقدون أن إيران هي الحق والخير والجمال، وأن غير إيران مناقض لكل هذه الصفات. إيران سعت طويلاً وزاد سعيها أخيراً للترويج لفكرة أنها تريد الخير للناس كافة وأن الغرب يريد لهم الشر، وأنه لتحقيق هذا الأمر يوظف أدواته في المنطقة. ولأن إيران لم تعد تطيق السعودية التي تمكنت من تحجيمها وإحراجها وإظهارها على حقيقتها وفضحها بين دول العالم خصوصاً بعد الاعتداءات على مقارها الدبلوماسية لذلك فإنها تعتبرها أداة من أدوات الغرب وتصفها بكل الصفات السيئة وتوظف كل وسائلها الإعلامية ضدها.اليوم تبذل إيران جهوداً كبيرة للغاية أملاً في تغيير قناعات العالم بزعمها أن «السعودية ومن يقف معها - وليست إيران - هي راعية المشاكل وممولتها والمساندة لها وأن إبعاد السعودية عن سوريا ولبنان واليمن والعراق والبحرين كفيل بأن تنتهي مشكلات هذه الدول».إيران تريد باختصار أن تخلو الساحة لها لتصل سريعاً إلى الفقرة الأخيرة من مخططها الرامي إلى السيطرة على المنطقة برمتها وتسيدها. إيران تعتقد أن توصلها إلى اتفاق مع الولايات المتحدة والغرب بشأن ملفها النووي يعني أنها الأقوى في المنطقة والأحق بقيادتها. إيران تعتقد أنها بتصنيعها للأسلحة والصواريخ تستطيع أن تفعل كل ما تريد ويمكنها أن تهزم كل من يحاول أن يتصدى لها.لهذه الأسباب أيضاً تسعى إيران لنشر فكرة أنها حامية الشيعة في كل العالم وأنها هي مرجعيتهم، والمدافع الوحيد عنهم، وأنه لهذه الأسباب عليهم أن يقدموا لها فروض الولاء والطاعة، رغم أن هذا غير صحيح أبداً، فالشيعة العرب مثلا ليسوا إيرانيين ولا يمكن أن يكونوا تابعين لها، بل إن الكثير من الشيعة العرب يتخذون من إيران موقفاً سالباً ويرفضونها لأنهم يعرفونها جيداً ويعرفون نواياها ويعرفون كذلك أنها تنتصر لقوميتها وتعادي القومية العربية بل وتكره كل عربي، بل إن كثيرين من الشيعة العرب وعلمائهم لقوا الكثير من الأذى منها.تحمل إيران لما يصيبها من أذى في لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها ليس من أجل عيون الشيعة والمستضعفين هناك، ولا انتصاراً لهم، ولكن بغية السيطرة على هذه الدول والظفر بثرواتها، ومن يقول بغير هذا يغالط نفسه ويؤكد أنه صار مسيطراً عليه وعلى عقله من قبل هذه الدولة الفارسية التي لا تعرف إلا أن تظل مشحونة على العرب وعلى كل عربي.إيران تتخذ من المستضعفين والشيعة العرب وغير العرب المخدوعين بها مطية لتحقق أهدافها التي لم تعد خافية، ووقوفها على سبيل المثال مع ذلك البعض هنا ليس من أجل سواد عيونهم ولكن لأنها تعتبر هذه الأرض أرضها ولأنها وضعت لنفسها الخطط لاستردادها.إيران لا يهمها المستضعفين وإلا فإن لديها منهم الكثير الذين لم تنتصر لهم بل على العكس تسيء معاملتهم وتعدمهم أمام الملأ لأسباب واهية، وهي لا يهمها الشيعة العرب لأنها أساساً تعتبرهم في درجة تالية للشيعة الفرس. إيران تقف إلى جانب كل من يقف إلى جانبها في هذه المرحلة وتعتبره أداة تستفيد منها كيما تصل إلى مرادها.