ماضيه هو قاضيه، مثل لا يحبه رجال السياسة، لأنه يحرمهم من حيز المناورة الذي فيه يتقلبون من موقف إلى نقيضه. ربما لمصلحة بلادهم وربما لتهيئة الظروف لخلق فرص يمكن استغلالها. وماضي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يقول إنه قد حكم عليه بالإعدام في عام 1994 بسبب تهم كثيرة أبرزها اغتيال النائب طوني فرنجيّة وعائلته في بمجزرة إهدن بصيف 1978 الدامي. إلا أن الحكم خفف للسجن مدى الحياة. ليطلق سراحه ليعود للسياسة. ولا أخفي عليكم أن في خاطري تحيزاً ضد طرف المعادلة الآخر وهو العماد ميشال عون المستميت على الوصول إلى رئاسة لبنان. ومرد تحيزي هو موقفه المساند لنظام صدام حسين أثناء الغزو العراقي للكويت عام 1991، حيث قام بتسيير التظاهرات المؤيدة للغزو لمقر السفارة العراقية في بيروت. وصل جعجع بعد قراءة جديدة للوضع الإقليمي والواقع اللبناني المرتبط بمسار أحداث سوريا ورفع العقوبات عن إيران والتطورات المرتقبة في الخليج التي تقول مؤشراته بفتح أبواب العزلة عن طهران لتكون اللاعب الأقوى إقليمياً، ووصل جعجع إلى أن الوقت موات للقيام بترشيح احتفالي وإعلامي كبير لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وأسباب هذا الموقف من جعجع قد يكون ببساطة لمنع طفل نجا من موت محتّم في مجزرة اهدن بقيادة جعجع وهو رئيس تيار «المردة»، النائب سليمان طوني فرنجية من الوصول للرئاسة، وما يعنيه ذلك من فتح لأبواب جهنم مجدداً. وقد يكون ترشيحه لعون رداً على مبادرة سعد الحريري بترشيح فرنجية وافتراق مسار سعد وسمير. كما إن إشادة جعجع بدول الخليج في أكثر من موقف، ثم النكوص ووقوفه مع مرشح طهران في لبنان قد يكون جراء قراءة جديدة للتطورات الإقليمية أوصلت الحكيم إلى أن اللحظة مناسبة لموقف ابتزازي لدول الخليج. كما إن انكفاء الدور الخليجي نفسه في لبنان ربما تمهيد لانسحاب من الساحة اللبنانية لضيق ذات اليد الخليجية بعد الانهيارات النفطية الأخيرة ربما قاد جعجع للبحث عن صديق آخر. كما إن من الأسباب التي يمكن التكهن بها أن الساحة اللبنانية قد تحولت لميدان تجاذب بين طهران والعواصم الخليجية، وبما أن نفوذ «حزب الله» طاغ على ما سواه قرر جعجع الاصطفاف مع الأقوى.* بالعجمي الفصيح: حين نتابع قضية جعجع - عون لم نلمس موقفاً خليجياً مشتركأً، ربما لاعتبارها جعجعة رحى خالية من الدقيق. لكن الرياض أوقفت تمويل بمليار دولار للجيش اللبناني. وما نتمناه هو ألا يتم تحميل الجالية اللبنانية في دول الخليج جحود ونكران الساسة هناك.* المدير التنفيدي لمجموعة مراقبة الخليج
Opinion
في الخليج صدى جعجعة من لبنان
27 يناير 2016