اليوم خميس، بالتالي سنترك عنا السياسة والبرلمان وسعر النفط والدين العام، إذ مهم أن نضع حداً - ولو مؤقتاً - لمواضيع الغم والهم، ونستبدلها بين الفترة والأخرى بمواضيع لها آثار إيجابية على الإنسان في مختلف جوانب حياته. أدرك بأن كثيرين تابعوا الحملة التسويقية الإعلامية اللافتة لمهرجان «يلا رياضة»، والذي ستقيمه وزارة الشباب والرياضة تحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية سمو الشيخ ناصر بن حمد. وأدرك بأن هناك تبايناً في التفاعل وردات الفعل، فمنطقي أن يكون هناك من يرى الموضوع بصورة عادية، وأن المهرجان المعني يأتي ليكون فعالية أخرى تقوم بها وزارة الشباب والرياضة والسلام، لكن أدرك أيضاً أن هناك من ينظر لهذه الفعالية بنظرة مغايرة تماماً. للأمانة نقول بأننا شهدنا في الفترة الأخيرة حراكاً مميزاً لقطاع الشباب والرياضة، والمميز فيه أن فعالياته وأعماله تدار من قبل طاقات بحرينية شابة تعمل دون كلل، متمثل ذلك بالوزير الشاب هشام الجودر ومعه طاقم عمل مميز في الوزارة، حراك لا يفتأ أن يهدأ في جهة حتى تعاود عجلته الدوران في جهة أخرى. الجميل أننا نرى نشاطاً واضحاً في عديد من الأندية والمراكز الشبابية على امتداد البحرين، ومقابله لا نجد ركوداً وهدوءاً من قبل وزارة الشباب، وهذا أمر مميز بالفعل، إذ إبقاء عجلة الحراك الرياضي دائرة ومتجددة بأنشطتها وفعالياتها إنما هو إثبات بأن هذا المجتمع متحرك لا يهدأ، وأنه يضم طاقات مميزة، الغرب لو امتلك نصفها لوجدتم كيف يستثمر فيها ويحول عناصر منها لنجوم. طبعاً طموحنا أن نصل يوماً لمرحلة صناعة النجوم المميزين الذين يصلون لمستوى العالمية، إن وفرنا الإمكانية والموارد المساعدة على ذلك. لكن اللافت في النظر هنا بأن الأنشطة التي تقدم في الفترات الأخيرة اتخذت منحى مغايراً، في رأيي هو منحى ذكي جداً، ويخدم هدفاً جميلاً يصب في صالح المجتمع البحريني. ما أعنيه، بأن النظرة الموجهة اليوم لوزارة الشباب والرياضة تمضي لتختلف عما كانت عليه سابقاً، فالجهود المبذولة لم تعد تقتصر على الأندية والمراكز الشبابية ولا الكيانات الرياضية والمنتسبين لها بالأخص اللاعبين في مختلف فئاتهم العمرية، بل الأنشطة تأتي لتستهدف المجتمع البحريني، لتستهدف العائلة البحرينية، لتستهدف العناصر المتنوعة في المجتمع وإن كانت «غير رياضية»!حينما تصل بمفهوم الرياضة وضرورتها للمجتمع عبر كل فرد فيه، وتبين أهميتها وقيمتها وفوائدها ومردودها على الشخص، فإنك هنا تصل لأعلى درجة من درجات الإبداع والتميز، إذ في مجتمعنا بات من الخطأ أن تقتصر الرياضة على الرياضيين، بل التحدي يكون عبر جعل الرياضة جانباً حياتياً مهما لدى كل فرد، جانباً لا يمكنه التخلي عنه إطلاقاً. لو أردت إحصاء أهمية وفوائد ممارسة الرياضة، لربما سأجد منكم من يقدم جوانب عديدة أخرى قد تغيب عن البال، فالفوائد هنا لا حصر لها، تأتي على أصعدة مختلفة، أهمها الصعيد الصحي والنفسي ومن ثم الاجتماعي والمعيشي. هذا الإدراك أخذ له حيزاً من الوقت ليتضح وجوده لدى الفرد الواحد في المجتمع، ويمكن قياسه من خلال تزايد إقبال المواطنين وحتى المقيمين على ممارسة الرياضة ولو في أبسط أشكالها، مثل رياضة المشي التي باتت أحد الفعاليات اليومية التي يمارسها المواطن، ففي البحرين انتشرت ظاهرة الممشى الرياضي وأصبح ارتياده وممارسة هذه الرياضة البسيطة ثقافة مترسخة لدى الناس. لذلك فإننا نحيي القائمين على مهرجان «يلا رياضة» الذي سيقام خلال أيام، وذلك بسبب فكرة إقامته وطريقة المشاركة فيه والشرائح التي ستتمثل فيه، إذ لن تكون مقتصرة على أهل العائلة الرياضية في البحرين فقط، بل شاملة للجميع، من مواطنين وموظفين ومقيمين وجاليات، سيتجمعون في مكان واحد، ليمارسوا أنواعاً عديدة ومختلفة من الرياضات في إطار من التحدي والتشويق والمتعة. الرياضة التي تشرك جميع أفراد المجتمع فيها، وتحولها لثقافة يومية لديهم، هي المطلوبة اليوم، هي من أساسيات بناء مجتمع صحي أكثر، يحارب الأمراض، مجتمع يمتلك الروح الإيجابية ويتعزز لديه الجانب النفسي. وأخيراً من المهم ألا ننسى بأن «العقل السليم في الجسم السليم»، وسلامة الجسم لا تتحقق بمعزل عن الرياضة.