* يقال إن «الناس الكبار يتحدثون عن الأفكار، والناس العاديون يتحدثون عن الأشياء، والناس الصغار يتحدثون عن الناس»، وقد كان من النوع الأول، دائماً ما يتحدث عن أفكار ومبادرات لأعمال الخير، حياته كلها أعمال تطوعية للإغاثة ومساعدة المحتاجين، في تواصله مع الناس، نادراً ما تجده يتحدث عن أمور شخصية فقد كان معظم حديثه يدور بشأن كيفية جمع مبالغ المساعدات والإعانات وكيفية توزيعها وإيصالها للمحتاجين، كان يحمل على عاتقه قضايا العرب وكان يسافر باستمرار إلى مخيمات سوريا وغزة لإيصال التبرعات بنفسه، يستحضر المرء حديث رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام «إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله، قيل كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبض عليه»، وهو يطالع خاتمة حياته فقد توفي بحادث وهو واقف في الشارع لاستلام مبلغ كفالة الأيتام.* يعتبر «عميد الفريج» والأب الحنون لجميع من يسكنه، فتح أبواب الخير للكثيرين وهو يشرع في توظيف أبنائهم بعد تخرجهم من المدرسة، لم يفكر بمصالحه الخاصة وتوظيف أفراد عائلته فقط، بل مد يده للجميع، واعتبر جميع أبناء العائلات، كأنهم أبناء عائلته، وقد كان يقول لمن سيوظفهم كنوع من التوصية: «هذا أحد أبنائي»، كانت له بصمات خير في العديد من الجهات بالدولة، والجميع اليوم يترحم عليه بعد وفاته ويدعون له.* قبل سنين مضت، وجد أن موعد خروج صديقه من عمله يجعله ينتظر طويلاً لوصول سيارة تقله إلى منزله، فيما هو يخرج من عمله قبل صديقه بساعات، فأصبح برنامجه اليومي بعد خروجه من عمله تسليم سيارته لصديقه والعودة في حافلة النقل العام حتى «ييسر على صديقه»، كان هكذا مع أصدقائه وفياً ومحباً لهم، و»الإيثار» أحد طبائعه، بعد وفاته لم ينسه صديقه، وبين فترة وأخرى يتوجه إلى قبره ويقرأ على روحه القرآن ويدعو له.* في فصل الشتاء تكون دائماً مريضة لكونها تهتم بالوضوء كثيراً مما يجعل عظامها تبرد فتتألم، أكثر ما تحرص عليه صلاة الفجر، وبعدها تخرج إلى خباز المنطقة لتشتري الإفطار للعجائز، رغم أنها كانت هي الأخرى كبيرة في السن، تسير إلى منطقة بعيدة في الحر أو في البرد لأجل أن تحضر لهم الفطور، كانت تتواصل مع جميع من في منطقتها وتسأل عنهم، وتعود مريضهم، وتساعد محتاجهم حتى اختارها الله، يوم دفنها يقول أحدهم: «والرجال يحملون جثمانها جاء طير غريب الشكل وحط على جثمانها ورحل»، وهناك من رآها في رؤية بعد وفاتها وقد كان وجهها متلألئ وفي كامل صحتها وعافيتها وفسر الحلم على أنها من سيدات الجنة بإذن الله.* رغم أنه لا يعمل ولا يحظى بمعاش تقاعدي إلا أن جيبه مفتوح للجميع، لو حدث وجلس مع شخص محتاج يعطي ما في جيبه ويمنحه ما لديه حتى وإن كان ما بجيبه «20 ديناراً فقط وليس لديه غيرها!»، وفي كل مرة ما إن يمنحها للمحتاج حتى يرزقه الله من حيث لا يعلم بنفسها أو ضعفها!* إحساس عابر:عمل الإحسان رزق يسخره الله لمن يشاء من عباده ويلهمهم دروبه ويمنعه عن البعض بالغفلة والأنانية وعدم حب مساعدة الآخرين فالإحسان من أعلى مراتب الدين وهو مكرمة لا تمنح إلا لمن يحبه الله من عباده.. «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين».
Opinion
محسنون عرفتهم «2»
29 يناير 2016