هل أنت مدمن على شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، «تويتر»، «أنستغرام»، «سناب شات»؟ سؤال قديم متجدد يتغير فيه مادة الإدمان فقط، في السابق كان سؤال الإدمان عن الإنترنت عامة، وقبلها على مشاهدة الفضائيات، وقبلها على قراءة كتب الأبراج، أو روايات الجيب البوليسية أو الرومانسية، فمن الواضح أن كل موجة تستدعي إدمانها زمن سيطرتها.في الندوة التي حضرتها حول «الشباب وأدوات التواصل الاجتماعي.. المخاطر والفرص»، بدعوة كريمة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، كان الهاجس المسيطر على المتناقشين قضية المخاطر، وكان للمخاطر ما يبررها، حيث دعمتها دراسات منهجية أثبتت أن ثمة عدداً كبيراً من الحسابات الإلكترونية الناطقة بالعربية تصدر من مناطق غير عربية أو من مناطق مجهولة. كما بينت الكثير من الدراسات ارتفاع عدد ساعات مكوث مرتادي هذه المواقع عليها إلى ما يتجاوز خمس ساعات يومياً. وشددت الدراسات على أن معلومات وخصوصيات مليارات البشر صارت بين قبضة مجموعة محدودة جداً من شركات التواصل الاجتماعي متمثلة في «تويتر» و«فيسبوك» و«سناب شات» و«انستغرام».والأطروحات التي قدمت في الندوة لم تغفل الجانب الإيجابي طبعاً، المتمثل في سرعة نقل المعلومة وتداولها وتبادل الخبرات وتسهيل دورة العمل والحياة عبر استخدام التطبيقات الحديثة. ولكن انجراف الشباب تحديداً في استهلاك تلك المواقع التي تستهلكهم هي بالأساس كان الهاجس المسيطر على خبراء الإعلام الجديد. أنا شخصياً لست في قلق طويل الأمد من مسألة التعامل مع تلك الوسائط. فعلى المدى القريب يمكن تشبيه حالة «الدهشة والانجراف» التي يعيشها البعض مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديث بحالة الانبهار التي قوبلت بها التيارات الفكرية العديدة التي دخلت الوطن العربي منذ الخمسينات متمثلة في الوجودية والشيوعية والسريالية والهيبيز وغيرها. ثم ما لبثت أن خفت وهجها ثم انطفأ تأثيرها من العالم. ومن واقع تجربتي الشخصية فقد كنت فعلاً أقضي وقتاً أطول على «فيسبوك» و«تويتر»، وكنت أدخل في نقاش وجدال في كل شيء ومع كل أحد. ثم تطورت «خبرتي»، وصرت أعرف ما أريد من تلك المواقع، وأعرف أكثر كيف لا أهدر وقتي فيها.فكل المعارف وأدوات العلم التي ينتجها الغرب «بحسن نية أو بمكر تجاهنا» هي نعم ومنح إن أحسنا استخدامها، وهي أسلحة فتاكة إن أدرنا خطرها تجاهنا.