مجلس النواب هو باكورة المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، المواطنون وأعضاء السلطة التشريعية على حد سواء ملزمون بدعم مسيرة الإصلاح والديمقراطية، والديمقراطية ليست حرية رأي وتعبير فقط، بل هي أيضاً مواطنة، هي مسؤولية وهي نظام وعدالة وقانون، أي هي حقوق وواجبات، فالمواطن البحريني قام بواجبه في الانتخابات البرلمانية فلم يتقاعس عن الشرف الوطني في المشاركة في التصويت، ودوره في نجاح الديمقراطية، وأعضاء السلطة التشريعية عليهم أيضاً واجبات تجاه المجتمع، ودورهم الوطني أيضاً لنجاح العملية الديمقراطية، فعلى الكفة الأولى مواطنون وعلى الكفة الأخرى مجلس النواب، وبين الكفتين مشروع وطني ديمقراطي، فما هي المعوقات التي تحول دون الوقوف على أرض صلبة نحو المسيرة الديمقراطية الحقيقية التي يتطلع إليها المواطن؟الفجوة بين الناس وبعض النواب ليست وليدة يوم وليلة، بل الاختلاف كان ومازال قائماً بين الناس والنواب – الحاليين والسابقين – حتى في الدول الكبرى تختلف مجتمعاتهم في الآراء ووجهات النظر، وهذه هي ثقافة الاختلاف، والاختلاف يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ أيضاً، ولكن نتفق في الجوهر، وندع بعد ذلك الاختلاف في الشكليات، بشرط ألا يكون الاختلاف على حساب المواقف غير المسؤولة أو اللامبالاة في التعاطي مع حل المشكلات وحاجات أساسية ومصيرية ومعيشية.هل هناك تقصير من بعض النواب لإيجاد حلول جذرية لاستقرار ابسط الحاجات المعيشية؟ نعم هناك تقصير من البعض، فالنخبة والكفاءة والخبرة تنقص بعض النواب للأسف الشديد، والملام في هذا الأمر هو الناخب الذي أعطى صوته لمن لا يستحق، وهذا الكلام للأسف مكرر، ففي كل مرة نكرر نفس الكلام ونزيد ونعيد ولكن دون فائدة، فهل نحن شعب عاطفي أكثر من أن يتحكم بمشاعره من أجل مصلحة الجميع؟! لا أحد يرتضي لنفسه السب والقذف والتطاول على الأعراض، وحشر جميع أفراد العائلة إزاء رأي أو موقف نتج عن اختلاف في أمر ما، سواء كان هذا الرأي صائب أو رأي احتمل الخطأ، فلا يعالج الخطأ بالخطأ، ولا نطبق المثل «لين طاح الجمل كثرت سكاكينه»، في المقابل على أصحاب القرار، على صوت الشعب، ألا يضيعوا الأمانة، أمانة الكلمة وأمانة إيصال صوت الشعب، وألا يقللوا كذلك من شأن الآخرين وعدم الاكتراث بهمومهم وحاجاتهم وآرائهم، ما يراه النائب صائباً قد يراه المواطن خطأً والعكس صحيح، لا تهميش ولا ترهيب، ولا تطاول.الكراسي لا تدوم ومصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، فالنائب بتشريعاته السديدة سوف يخدم بها في المقام الأول نفسه وعائلته وعشيرته وأصدقاءه أي الشعب كله، فاليوم تشريع وغداً تسهيل وتيسير، ولكن علينا ألا نجعل من مشروع وطني كهذا، تتمناه بعض الدول أن يكون عرضة للقيل والقال، واجبنا أن نحمي مكتسبات الوطن ومجلس النواب هو مكتسب ثمين، هناك من يريد لمشاريع البحرين الرائدة أن تتعثر، وهناك من يتصيد الهفوات وأبسط الثغرات، هناك منظمات تتربص حتى تسقط الديمقراطية والحريات المتاحة لجميع شرائح المجتمع، وهناك من يريد أن يطمس تجربة البحرين الرائدة في طي الانتهاكات، وهذا مؤكد لا يرجوه نوابنا الأفاضل، فإذا كان صوت المواطن أمانة في المقابل أفعال النواب أيضاً أمانة.
Opinion
بين الكفتين.. مشروع وطني ديمقراطي
02 فبراير 2016