وزارة الداخلية ممثلة بالإدارة العامة للمرور بدأت منذ العام الماضي حملة توعوية واسعة تحت شعار «أعد النظر»، ولقت صدى وانتشاراً كبيراً في وسائل الإعلام ووسائل التواصل، وكان هدفها الصريح والواضح «توعية» الناس لحقوقهم وواجباتهم فيما يتعلق بآداب القيادة وإرشادات الشارع والمرور.الآن بدأت إدارة المرور تطبيق نظام «النقاط»، والذي أيضاً أعلنت عنه مسبقاً وبينت آلياته بشكل مستفيض من خلال الحملة الإعلامية. لو رجعنا لردود الأفعال التي صاحبت حملة «أعد النظر» حينها، وقارناها بردود الأفعال التي صدرت بعد إعلان تطبيق قانون النقاط، سنجد بأن هناك شريحة مازالت تعبر عن استيائها ورفضها لفكرة القانون.في نقاش دار قبل يومين مع أحد الأصدقاء، سألته لماذا هو غاضب من القانون ولماذا يرفضه؟أجاب بأن العملية كلها تستهدف جيب المواطن، ومبالغ المخالفات أكبر من السابق!للأسف هذه الفكرة سائدة لدى البعض، لكن هنا اسمحوا لنا بالحديث بمنطق وعقلانية، إذ القوانين وجدت لتنظم الحياة العامة، وقانون منظم وواضح المعالم للمرور يطبق على الجميع دون استثناءات أمر مطلوب بشدة لدينا في البحرين. أخبار الحوادث التي كنا نفج بها في السابق، أصبحت اليوم وللأسف نقولها وكأنها أخبار عادية. احسبوا كم صورة تنشر اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي لحوادث متفرقة في مختلف المناطق ومتباينة في الضرر، بل احسبوا كم شخصاً توفي جراء هذه الحوادث. العملية تحتاج لوقفة جادة، وهنا لا يمكن منطقياً قبول فكرة أن السعي لتطبيق القانون مادي بالأساس، بل على العكس الفكرة واضحة بأنها ساعية لضمان أمن وسلامة الناس ومستخدمي السيارات والطرق. هناك مناطق في البحرين، لا يمكنك وأنت تقود سيارتك أن تأمن سلامة الشارع حتى وإن كانت الإشارة خضراء. هناك البعض يقطع الإشارات الحمراء وهو مدرك للعملية، وكم حوادث تعرض لها أشخاص هم يسيرون في مسارهم الصحيح أو يتحركون بتغيير لون الإشارة للخضراء فيفاجئون بشخص متهور يقطع عليهم الطريق ويصطدم بهم.لذلك فإننا نقول هنا، كما قلت لصاحبي، لا يمكن أن نستاء من قانون جوهره وهدفه سلامة الناس، من يستاء وكأنه يعترف بشكل واضح بأنه غير ملتزم بإرشادات المرور وقوانين وقواعد السير، وهذه الشريحة حين يطبق عليها القانون فهي لا تقع تحت طائلة الظلم والتعسف. بالبحريني الفصيح نقول هنا، بأن القانون وضع لحمايتك، هو لصالحك وليس ضدك، وعليه المطلوب منك الالتزام به، لا تجنباً للغرامات المالية، بل الهدف الرئيس المفترض أن يدفعك للالتزام به هو ضمان سلامتك وسلامة الآخرين، الأهم هو الحفاظ على حياتك. ما المشكلة لدى البعض إن هو التزم، البس حزام الأمان لضمان سلامتك عند الحوادث. لا تسرع في الشارع أكثر من السرعة المحددة، ألسنا نقول «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة»؟! التزم بالإشارات الضوئية، فكل إشارة حمراء قطعها يمكن أن يكون في جانبها المقابل سيارة فيها شخص أو عائلة يقطعون شارعاً إشارته خضراء، فربما تتسبب لهم بكارثة تغير مجرى حياتهم بالكامل، أو لعلك تنهي حياتهم أصلاً وتضر نفسك. عامان كاملان عشتهما في لندن، قدت السيارة هناك، وفي كل مرة لا أنسى ربط حزام الأمان. وأنت تقود في الشارع أو تسير لو لاحظت قائدي المركبات لن تجد من لا يضع الحزام، لن تجد من لا يحترم الإشارات، ولن تجد من لا يقف حتى عند خطوط المشاة ليعبر الناس، طبعا هنا لو جربت السير على خطوط المشاة قد تجد نفسك في المستشفى ولربما على الأرض بدون سرير! الفكرة بأن العملية أصبحت ثقافة مجتمعية متأصلة، هناك احترام للقانون، كون تطبيقه يحقق المصلحة العامة للمجتمع، وهنا مهم الإدراك بأن الشارع ليس ملكاً لأحد، ولا تحكمه قوانين شخصية، فمثلما هو حق لك هو حق لغيرك. قال لي صاحبي: طيب والمخالفات وأسعارها؟!أجبت: والله ليس عندك مشكلة، التزم بالقانون ولا تخالفه، لن تتعرض لأية مخالفة بالتأكيد. لكن أن نصل لمرحلة نريد أن نتجاوز فيها وألا نلتزم بالقانون ولا نريد أن نحاسب بالقانون، أعتقد بأن هذه حالة لا تصدر عن أناس عقلاء.طبعاً في شأن تطبيق القانون، نتمنى أيضاً من جانب الإدارة العامة للمرور بأن يكون الحرص موجوداً على العدالة في التطبيق، بحيث يتساوى الناس جميعاً أمام القانون، خاصة وأنها أعطت الناس مساحة زمنية طويلة ما بين التوعية الإعلامية والترويجية بهدف الإرشاد وما بين التطبيق. والله ولي التوفيق.