الأمن هو بوصلة الاستقرار والتنمية لأي دولة، والأمن الخارجي كما الأمن الداخلي، مهم جداً للتقدم والتطور، لذلك فإن تعزيز الأمن الخارجي لمملكة البحرين التي تعد جزءاً من منظومة أمن دول الخليج العربي لا يقل أهمية عن الأمن الداخلي لها، للحفاظ على مكتسباتها وصون سيادتها.إن قوة المؤسسات العسكرية المختصة بشؤون الدفاع وتعزيز أمنها الخارجي في أي وطن هو ترمومتر الحماية الذي يذود الأطماع عنها، في حين ضعفها يفتح شهية أعدائها لها، كما إن نهضة أي وطن وتقدمه وما يمتلكه من سيادة قوية، يمنح مؤشر عن مدى قوة وحصانة المؤسسات العسكرية الدفاعية بداخله، وطبيعة إمكاناتها العسكرية.يصادف اليوم الموافق الخامس من شهر فبراير الذكرى الثامنة والأربعين لتأسيس قوة دفاع البحرين، التي أنشئت عام 1968، كحصن دفاعي منيع. إن خط سير تطوير المؤسسات العسكرية الدفاعية المستمر وتزويدها بأحدث المعدات والجاهزية العسكرية يدل على أنها جزء لا يتجزأ من تاريخ وحضارة مملكة البحرين بالأخص تاريخها الأمني والدفاعي، وهي قصة نجاح ممتدة إلى ما شاء الله، في حماية أرض البحرين من أن يوطئها يوماً أعداؤها أو أن تحتل وتغزو.قوة دفاع البحرين تعتبر واجهة الدفاع الأولى ضد أي تهديدات خارجية تطال مملكة البحرين، كما إنها ووفقاً للاتفاقات الدفاعية بين دول الخليج تعتبر أحد أركان القوى العسكرية الخليجية في الدفاع عن كل ما يمس أمن الخليج ويهدد استقرار شعوبه، ولعل إنجازاتها وخطواتها الكبيرة في «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل» في اليمن الشقيق خير شاهد على مدى ريادة هذا البنيان الدفاعي وإمكاناته العسكرية، كما لا نغفل الدور الكبير الذي لعبته خلال حرب الخليج.على المستوى الإقليمي والدولي تكمن أهمية هذه المؤسسة في فتح أبواب التعاون في المشاركة في العمليات الدولية لمكافحة الإرهاب والعمليات الإنسانية وحماية الحدود الإقليمية، في إطار اتفاقات التعاون الدولية أو الثنائية بين الدول الصديقة والحليفة، وتزداد قيمة هذه المنظومة الدفاعية اليوم أكثر نظراً للظروف الأمنية المحيطة بنا في المنطقة فهي الحصن المنيع أمام موجة التهديدات الأمنية والمخاطر، وهي البوابة الأمنية الحصينة التي تمنع أي تغلغل من الخارج للبحرين.وعودة إلى ذاكرة التاريخ البرلماني البحريني نرى أن هذه المؤسسة كانت مستهدفة من قبل كتلة «الوفاق» النيابية التي اهتمت دائماً بالنبش في آليات عملها وخطواتها التطويرية وتوجيه الأسئلة بشأنها فقد كانت ضمن طموحات الكتلة في المحاصصة السياسية، لكونها تعد أحد أبرز الجهات بالدولة، التي يطمح أعداء الوطن إلى تمكين أفرادهم فيها والتغلغل فيها. كما لا نغفل أن هذه المؤسسة قد أسست بعد الأمر الملكي السامي عام 2010 مستشفى الملك حمد الجامعي، الذي جاء لفتح آفاق الشراكة المجتمعية، ومد جسور التواصل، حتى لا تكون قوة دفاع البحرين بمعزل عن المجتمع البحريني، حيث تم تأسيس مجموعة أصدقاء مستشفى الملك حمد الجامعي، الذين عملوا على تقديم الآراء والمقترحات بعد الاجتماعات المتتالية مع وزير الدولة لشؤون الدفاع، للعمل على تحقيق أفضل خدمات الرعاية الصحية وتطوير الخدمات الطبية. ومستشفى الملك حمد الجامعي عموماً يعد نقلة نوعية وإضافة مميزة في قطاع الطب والصحة في مملكة البحرين، خاصة وأنه يضم مركزاً لزراعة الأعضاء، والعديد من الخدمات الأكاديمية والبحثية، وهو يقوم على استخدام أحدث التكنولوجيا الطبية. ولا ننسى أن الإسهامات التي يقوم بها سلاح الجو الملكي البحريني وقوة دفاع البحرين في إعداد وتنظيم معرض البحرين الدولي للطيران والمشاركة فيه، حيث يعد ذلك أيضاً أحد أوجه أبواب الشراكة المجتمعية الأخرى، ونأمل في المستقبل القريب أن يكون الفكر العسكري القائم الذي يدير تلك المؤسسة الوطنية متجهاً نحو إطلاق أبواب الصناعات العسكرية الرائدة تماشياً مع التحديات الأمنية بالمنطقة. إن الاستمرار في تطوير العمل العسكري سواء داخل قوة دفاع البحرين أو ما بين التعاون مع المؤسسات العسكرية الدفاعية الخليجية هو باختصار رسالة للخارج بأن مملكة البحرين حصن حصين وأن قوة دفاع البحرين درعها الأمني الذي يقف كالسد المنيع أمام أي محاولات للتدخل وأن موجات الأزمات الأمنية التي تموج في المنطقة بالحروب الأهلية والصراعات تعتبر تحدياً بإمكان القائمين على قيادة هذه السفينة العسكرية التعامل معه بحنكة دفاعية بإذن الله. * إحساس عابر:عملت قوة دفاع البحرين طيلة سنوات مضت على دعم الأيتام الذين يتبعون منتسبيها، وأن يحظوا بالأولوية في خدماتها ومكتسباتها من توظيف وبعثات دراسية، وهو نوع من أنواع التكافل الوطني الجميل الذي تنتهجه تلك المؤسسة الوطنية، ونأمل أن يتطور هذا الجانب ويبرز أكثر ويوثق مستقبلاً بكيان اجتماعي تكافلي يؤسس باسم هذا الصرح الدفاعي الوطني.