أرقب باستمرار تلك اللحظة الجميلة التي يستضيفني فيها بلبل الفجر الصداح لأترنم فيها بتغريداته الجميلة في حب معشوقتي البحرين.. فمع إشراقة كل فجر تتهافت نفسي لأصيغ معزوفتي الجديدة مع نسائمه المنعشة في ربى بلادي الحبيبة البحرين.. أشتاق لكل فجر في ربى بلادي وأنا أرقب من بعيد أفق إطلالة شمس الحياة من جديد على أنفاس حياتي.. الحمد لله فقد وهبني المولى الكريم عمراً جديداً أشيد فيه مركباً أستضيف فيه كل عاشق لعمل الخير.. الحمد لله فقد رزقني المولى الرحيم رحمة تنجيني من لوعات الحياة ومكائد البشر.. الحمد لله فقد أسعدني مولاي بدقائق ثمينة أستنشق فيها حبه وحب من يحبه وحب عمل يقربني إلى حبه.. فأعطاني فرصة لأجدد الإيمان.. بالرغم من كل تقصيري في جنبه.. فهو البصير الذي أبصر حاجتي إليه.. أنصت البلبل مع إشراقة الفجر إلى مدلولات هذه المكونات النفسية التي تستظل برحمات خالقها ومولاها.. فكم يسعد المرء أن يخلو بنفسه على شواطىء وطنه بعيدا عن كل البشر.. ليناجي الله تعالى.. فلا يدري لعل دعوة صالحة من قلب مخلص نقي تقي يناجي ربه، ويخفق بحبه، يرجوه أن يرحمه ويغفر له ويصفح عنه ويتجاوز عن سيئاته، وأن يلبسه لباس الصحة والعافية حتى يؤدي دوره الرشيد في حياة البشر.. لا يدري لعلها تكون دعوة تنتشل صاحبها وكل أبناء البلد الطيبين من مفاسد الحياة.. وتحفظ هذه الأرض الطيبة من كل ضير وسوء وكيد يراد بها.. بالتأكيد لم يشأ البلبل أن ينتقل لحديث آخر، لأن نفسه تسمو مع هذه التراتيل الروحانية إلى مدارج الخير، وترتقي إلى أعلى مراتب الحب.. لخالق الأرض والسماء.. فكم فتر البشر عن حبه.. فغرقوا في شهوات أحلامهم الدنيوية.. وكم تناسوا رزقه فأبرقوا وأرعدوا وزمجروا غضبا من قرارات البشر.. فلا ترسو قوارب نفوسهم على شواطىء النجاة والسكون والطمأنينة.. وكم جلسوا يضيعون أوقاتهم في خطابات الدنيا على الفرش الوفيرة.. وهم في الوقت ذاته يشكون الفاقة ويتصادمون مع قوانين الحياة.. هو الوطن يحبنا ونحبه، نسير في دروبه لنحقق الغاية المنشودة، متمسكين بحبل الله المتين..لم يشأ البلبل مجدداً أن يتركني وحيداً دون أن يستكمل معي حكايات «الوطن الحبيب».. فجال في خاطره الحديث عن «صحبة الوطن»، وكيف استطاعوا أن يكونوا متحدين في رؤاهم وحفاظهم على وطنهم.. يا صاحبي العزيز.. إنهم صحبة تمسكوا بدين الإسلام واتخذوه منهجاً وطيداً في حياتهم، فلم يتشددوا ولم يخرجوا عن جادة الصواب.. اتخذوا الوسطية والحكمة واللين في التعامل أسلوباً في حياتهم ومعاملاتهم وحديثهم للآخرين.. أخلاقهم جواهر مكنونة تنثر أزهارها في كل مكان تطأ فيه أقدامهم.. رسائل الحب التي يحملونها في قلوبهم هي رسائل مودة وسلام ووئام لكل من يصحبهم من أجل خدمة الدين والوطن.. هم صحبة نذروا أنفسهم أن يعيشوا من أجل زراعة بذور الخير في وطن أكرمهم ورعاهم وساهم في صقل شخصياتهم.. صحبة تشتاق لبعضها البعض كلما غابوا عن الأنظار، وأبعدتهم ظروف الحياة القاهرة.. صحبة تشتاق لما أعده الله تعالى من نزل للمتحابين في الله.. فقد ورد في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء».. هم صحبة رفعوا «الوفاء» شعارا لهم.. وترجموا معاني المحبة إلى مشروعات خير كتبوا على لوحاتها اسم مملكة البحرين في كل البقاع.. صحبة لبسوا ثوب «الخيرية» ومدوا أياديهم البيضاء لكل الناس حتى يشاركونهم مواطن الخير التي اعتدوا أن يكونوا من روادها..هي البحرين الغالية مزروعة وسط العين.. سنكون لها جنودا نحرس ترابها ونساهم في رفعة شأنها وازدهارها.. سنثبت لكل جيل ولكل زائر.. أن أهلها معدن أصيل لا يغيره الزمن.. قلوبهم واحدة، وسعادتهم برسم أجمل صور معاني السعادة والحب في نفوس كل البشر.. حفظك الله ورعاك يا دار الطيبين، وصرف عنك شر الأشرار ومكر الفجار وكيد الكائدين بأمنك واستقرارك.