واحد من القراء الذين التقيتهم خلال اليومين الماضيين قال لي هامساً ومعلقاً على ما أكتب «جميل أنه لا يزال لديك أمل في عودة الحوار والتوصل إلى نهاية لمشكلتنا»، وأضاف «أما نحن فقد فقدنا الأمل». عبارة سلبية لكنها لم تخلُ من إيجابية، الإيجابية فيها هي أنه قالها وهو يتألم وفي عينيه تتقافز مجموعة كبيرة من الأسئلة التي تبحث عن إجابات، ما يعني أنه أراد أن يقول «أرجوكم ساعدونا على ألا نفقد ما تبقى من أمل، فمن دونه نشعر بالتيه».هكذا هو حال غالبية المواطنين اليوم، عانوا كثيراً من هذا الذي حدث ولا يزالون يعانون ويتألمون ووصلوا أو يكادون إلى حافة اليأس من تغيير إيجابي لكنهم أيضاً يظلون يبحثون عن أمل يتعلقون به كي يغالبوا الفكرة التي تسيطر عليهم والتي ملخصها أنه لا نهاية لهذا «الألم الذي صار نحن».وصول البعض أو بتعبير أدق البعض الكثير من المواطنين إلى مرحلة الإحساس بأنه لا نهاية لهذا الذي صرنا فيه أمر طبيعي، فما جرى ولا يزال يجري ويتطور بشكل متسارع وعنيف وغير منطقي لا بد أن يوصل إلى مثل هذه الحال وزيادة. وكلما مر يوم صار هذا البعض الكثير يشعر أن المشكلة تزداد تعقيداً وأنه لم يعد بالإمكان حلها والتغلب عليها. ما تشهده الساحة المحلية من تطورات وأحداث تتلاحق يدفع نحو الاعتقاد بأنه لا توجد نهاية لهذه المشكلة ويتيح مجالاً كبيراً لليأس كي يتغلغل إلى الصدور. لكن لأنه لا توجد مشكلة لا نهاية لها أو غير قابلة للحل، لذا فإن التعلق بالأمل في هذه المرحلة على وجه الخصوص مسألة في غاية الأهمية.فقدان الأمل أمر سلبي جداً وضار، ينبغي ألا نسمح له بأن يسيطر علينا، فمن دون فسحة الأمل يتحكم اليأس في الجميع، بينما مشكلتنا لو قارناها بمشكلات أخرى تعاني منها شعوب عديدة ودول لتبين أنها ربما لا تصل حتى إلى مرحلة اعتبارها مشكلة، فما تعاني منه تلك الشعوب والدول يمكن تصنيفه في باب الخطير، ومع هذا يظلون متعلقين بالأمل ويعتقدون أنه لا بد أن يصل اليوم الذي يتمكنون فيه من حل مشكلتهم أو مشاكلهم العويصة.مشكلتنا قابلة للحل، هذا هو ما ينبغي أن نؤمن به جميعاً، وأول خطوات الحل هو الهدوء، لا بد أن نهدأ لنتمكن من التفكير جيداً ولا بد أن نستمع إلى بعضنا البعض، ولا بد من طرح تصورات ومشاريع واقعية تراعي مصلحة الجميع وقبلهم مصلحة الوطن. لا بد أن نتوقف عن الاستمرار عن توجيه النقد والمطالبة واعتبار ذلك هو فقط واجبنا تجاه الوطن، لابد من الجميع أن يعملوا معاً كي يضعوا الأساسات التي يمكن البناء عليها، فالهدف ليس التوصل إلى حل مؤقت وإنما إيجاد حل نهائي لهذه المشكلة. هذا الحل لا يمكن أن يكون مفيداً إن لم يلبِ مطالب كل الأطراف ذات العلاقة. من هنا يبدو واضحاً أهمية التعلق بالأمل وأهمية الدعوة باستمرار إلى الحوار، فمن دون الأمل ومن دون الحوار لا يمكن أن نصل إلى النهاية.ولأنه ليس عدلاً الاستمرار في هذه الحال وليس منطقاً القبول بها، لذا صار لزاماً التفكير بجدية في عودة الحوار، وقبله التعلق بالأمل الذي إن ضاع انتهى كل شيء. لا بد من التفاؤل وإن كان الحاضر لا يعين عليه، ولا بد من العمل على إيجاد المساحة المشتركة التي يمكننا الانطلاق منها. لا شيء يدعو إلى اليأس وإن كان الواقع صعباً ومراً والمشكلة تزداد تعقيداً.