قد تتعدد تعريفات حقوق الإنسان إلا أنها متأصلة في جميع البشر، مهما كان موطنهم أو جنسهم أو طائفتهم أو لونهم أو عرقهم أو دينهم أو لغتهم، فهم جميعاً سواسية في الإنسانية. كما إننا جميعنا سواسية في الحقوق والواجبات فيما بيننا كذلك. لقد بادرت البحرين بالتزامات طوعية معنية بحقوق الإنسان نحو النهوض بأبنائها ومأسسة العمل الحقوقي منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، وهذا ما تحقق على أرض الواقع، بجانب وضع الاتفاقات ذات الصلة الحقوقية سواء كانت اجتماعية، ثقافية، اقتصادية أو سياسية في مصاف التشريعات والقوانين والمشاريع التي عززت مفاهيم حقوق الإنسان لدى المواطن البحريني.في المقابل تقاس المجتمعات المتقدمة باحترامها للحقوق الإنسانية ابتداءً باحترام القوانين الناظمة مروراً بحراك المجتمع المدني المعني بتعزيز تلك الحقوق وقياسها على أرض الواقع بروح المجتمع الواحد بعيدة عن التحزب السياسي أو الطائفي أو القبلي. حراك المجتمعالمدني في سطور ماذا قدمت جمعيات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان لقياس ما تحقق على الأرض، وهل هي حقاً بعيدة عن التحزب أي كان وصفه؟ من المفترض أن تكون تلك الجمعيات غير الحكومية وغير الربحية لها وجود فعال في الحياة العامة، تسهم في النهوض بمسؤولية، وتعبر عن اهتمامات وقيّم أعضائها بحيث تضم النقابات العمالية والنقابات المهنية والخيرية ومؤسسات العمل الإنساني وتكون بعيدة عن المصالح الحزبية أو الطائفية أو الشخصية. وأن تحمل رؤى وأهدافاً سامية تجمع لا تفرق وتقرب لا تُبعد وأن تستفيد من التجارب السابقة التي ماطت اللثام عن وجوه بعض الجمعيات التي تخندقت مع الجمعيات السياسية والتفتت عما هو منوط بها وسخرت علاقاتها الدولية لإضعاف الدولة وهدم قوانينها فترة الأحداث المؤسفة في فبراير 2011 . كما وُلدت جمعيات حقوقية بعد تلك الأحداث من رحم جمعيات سياسية كمن سبقوها لا ينكرها إلا أعمى البصر والبصيرة، جلها افتقرت الرؤية والأهداف بل حتى العناوين العريضة لمفاهيم حقوق الإنسان، وتابعت التقارير الدولية عبر الصحافة المحلية! واكتفت بالرد عبر التصريحات الصحافية واللقاءات التلفزيونية. لماذا نقول ذلك؟ إن النّطف التي تتخندق مع المكاسب الحزبية أو الطائفية لا يمكن وصفها بأنها محرك مدني يعزز حقوق الإنسان بل إنها معاول هدم لوحدة المجتمع. والجمعيات الطارئة التي لا تحمل رؤية ولا أهدافاً تحدد معالم توجهها الحقوقي تكون عبئاً على المجتمع أكثر من مساهم معه، وافتقار بعض الجمعيات للمهنيين وذوي الخبرة سيجعل عملها استعراضياً أكثر مما هو مهني.وما يزيد المشهد تعقيداً دعوة بعض السفارات الغربية للجمعيات الحقوقية على أساس حزبي أو طائفي، وهو أمر غير مقبول إطلاقاً إذ يعقد المشهد داخل المجتمع الواحد.* إلى من يهمه الأمر:ليعلم الجميع أن حقوق الإنسان هي اصطلاح مرادف لما هو معروف في القانون الدستوري بالحقوق والحريات العامة وهذا يستوجب منا أن نكون بعيدين عن المصالح الحزبية والطائفية أو الشخصية ونحن نرفع هذا الشعار. الإنجاز ليس ببيع الوطن نظير المكاسب السياسية أو الطائفية لقد كان المشهد قبيحاً لكل من قام بالاصطفاف لتحقيق تلك المكاسب. كما إن تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان ليس بعقد المؤتمرات فقط إذ تلك المؤتمرات إذا لم تأخذ مسارها الصحيح سوف لا تعدو من أن تكون مشاريع شخصية أكثر مما تكون وطنية، والعمل دون رؤية وأهداف والقدرة على إصدار التقارير يضع تلك الجمعيات في مصاف إكمال العدد ليس إلا.