أثبت مجلس الأمن فشله الذريع في الحفاظ على الأمن العالمي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، كما أثبتت الأمم المتحدة تراجعها الواضح في المحافظة على قيم السلام والتعايش بين الدول المنضوية تحت مظلتها، وعليه نستطيع التأكيد وفق الأحداث الأخيرة في الإقليم، بأن أكبر المنظمات العالمية تخلت عن السلام في الشرق الأوسط، وهذه من أكبر المغامرات الخطرة التي تخوضها الأمم المتحدة ومن تحتها مجلس الأمن.لم يبقى من الأخير «مجلس الأمن» سوى استعداده للثرثرة والكلام الزائد عن حاجة الشعوب، ولم يعد يتعلق الأمن الدولي داخل الأمم المتحدة سوى بالمزيد من «القلق» والشجب عبر من يعيشون في فنادق «نيويورك»، فما عادت المنطقة برمتها مغرية للغرب للبقاء فيها، وإذا كان الأمر كذلك، لم يعد مشروع السلام هو الخيار الإستراتيجي لدى مجلس الأمن الذي أكثر ما كان يهرول خلفه دائماً وأبداً في المحافل والاجتماعات الدولية هو الحفاظ على مصلحة الدول العظمى ولا شيء سوى ذلك، ولهذا نجد اليوم مدى الانهيار الكبير الذي يشهده الإقليم تحت مرأى ومسمع هذا المجلس الخامل، والأمم المتحدة التي باتت متفرجة وليست فاعلة في قضايا ربما تكون الأخطر في مسيرتها على الإطلاق.باتت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها روسيا والصين وكل الدول الغربية الصناعية، وحتى بعض الدول الأخرى مثل كوريا الشمالية والكثير من دول أمريكا اللاتينية غير خاضعة وغير مُلزَمَة بالأنظمة والقوانين الدولية التي يصدرها مجلس الأمن، فالجميع بدأ يدرك الآن حجم الضعف الحقيقي الذي وصل إليه هذا المجلس، وعدم قدرته على ضبط الأحداث العالمية، كما أثبتت كل الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، أن من يستطيع إمساك الحدث والتحكم في خيوط اللعبة الدولية هو من يملك السلاح والقوة والنفوذ، ومن يملك الأذرع الضاربة نيابة عنه في المنطقة، وكذلك من يمتلكون المقاتلين الذين يقاتلون عنهم بالوكالة. هذا هو الموقف الصريح والمخجل الذي يعكس معنى «مجلس الأمن»، والذي يتمثل بانفلات المبادرة من يده نحو يد العصابات الدولية التي تسمي نفسها بالدول الكبرى.بات الوضع الدولي حرج للغاية، وشعوب المنطقة تترقب المستقبل وهي تعيش على حافة برميلٍ ساخن، فكل شيء هنا لا يشجعنا على قراءة الواقع بعيون متفائلة، وذلك لسبب مهم وهو أن مجلس الأمن وكبار اللاعبين قد تخلو عن تقرير مصير الشعوب والدول الصغيرة بالطريقة التي ما كان يجب أن تكون، لكنها لعبة الأمم، والتي تعني عدم وجود أي ثوابت قيمية سوى مراعاتها لمصالح الكبار وإهمال صوت الشعوب والدول التي لا تملك المال والسلاح.