يسألني كثير من الأحباب والزملاء العرب الذين يعرفونني كمواطن إيراني مسلم، محب للعرب، ومعجب بالثقافة العربية، والحضارة العربية، ومدافع شرس عن الحق العربي في صراعه مع النظام الإيراني، ماذا عسانا أن نفعل أمام مشاريع إيران التوسعية؟ وهل يمكن أن يصلح النظام الإيراني من سلوكياته إذا وصل الإصلاحيون إلى سدة الحكم في إيران؟بادي ذي بدء، أنا شاكر لهؤلاء الأحباب ثقتهم بي، وبالنيابة عن الشارع الإيراني أشكرهم على تفريقهم بين المواطن الإيراني المغلوب على أمره، وبين النظام الحاكم الذي يقوده ديكتاتور معمم، لبس لبوس الألوهية على الأرض. من وجهة نظري، ما دام هناك نظام باسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية موجود على الأرض، فلن يكف عن أحابيله وحيله وأحلامه في التوسع والتمدد الفكري والثقافي والسياسي والعقدي والعسكري في المنطقة العربية والإسلامية. من يراهن على أن النظام الإيراني سواء الإصلاحي أو المتشدد يمكن في يوم من الأيام أن يصلح من سلوكياته ويعيش مع العالم ودول الجوار مثل بقية الجيران متحابين مسالمين، هو واهم لا يعرف طبيعة النظام الإيراني وبنيته وتركيبته الفكرية والسياسية والعقدية، ولا يمكن الوقوف أمام مد التشيع العقدي والسياسي التابع لـ «ولاية الفقيه» المطلق في العالم، ولا يمكن لدول الجوار الإيراني أن تعيش بأمن وسلام إلا بإشغال النظام الإيراني في عقر داره على المدى القريب، تمهيداً لإسقاطه على المدى الطويل والتخطيط لإيران الغد، لأن التخطيط لإيران الغد لا يقل أهمية عن التخطيط لإسقاط النظام الحاكم في إيران، والكذبة الكبرى التي نجح النظام الإيراني في تسويقها هي إيهام المجتمع الإقليمي والدولي بأن هناك إصلاحيين ومتشددين، بينما الحقيقة أن الكل يصدر في مواقفه عن رؤية المرشد الأعلى للثورة، وهذا موضوع لا أريد أن أخوض في تفاصيله في هذه الخاطرة السريعة.أرى أنه لا يمكن إسقاط النظام إلا بأيدي الإيرانيين أنفسهم، والشارع الإيراني هو أقوى سلاح فتاك لتفكيك البنية التحتية لهذا النظام، خاصة إذا عرفنا لغة الشارع وكيفية تفكيره وطريقة الاستفادة منه، وهنا مكمن داء حقيقي، فالمشكلة، وبدون مجاملة، اننا لم نحسن الاستفادة من الشارع الإيراني لمقاومة نظام «ولاية الفقيه» المطلقة، ولم نفهم لغة الشارع ولم نبذل جهداً لمعرفة طبيعة هذا الشارع وطريقة تفكيره. هناك في الحقيقة مشاريع مهمة سواء قصيرة المدى أو طويلة المدى لمقاومة النظام الإيراني، والمشاريع بحاجة إلى من يقف وراءها لتنفيذها على أرض الواقع، ومن يمتلك رؤية حقيقية وفهماً متكاملاً للصراع، ورغبة أكيدة في فعل المواجهة لا الطبطبة، وكل من طرحت عليه مشاريع مقاومة النظام الإيراني أبدى إعجابه بها لكنه للأسف لم يتجاوز مرحلة الإعجاب، والقول إن شاء الله وما شاء الله. إخواني الكرام، اسمحوا لي أن أكون صريحاً معكم، لأن صديقك من صدَقك لا من صدّقك، إن كنا كمسلمين وكنتم كدول عربية وأشخاص نافذين في مجتمعاتكم تريدون فعلاً لا قولاً العمل على تقليم أظافر إيران في المنطقة وشغلها بنفسها، فلا بد أن تبحثوا لكم عن حلفاء في الشارع الإيراني، ويكون العمل مبنياً على رؤية تتضح فيها معالم العمل استراتيجياً وتكتيكياً، لا أن يكون العمل رد فعل أو فورة حماسة، وكما أسلفت فإن إسقاط «ولاية الفقيه» لا يقل أهمية عن بناء ما بعده، وهنا تأتي أهمية أن يكون هناك حلفاء لكم يصارحونكم القول، وإن لم يعجبكم كلامهم، يخلصون لكم الصداقة وتجمعكم بهم المصالحة المشتركة، لغة المصالح المشتركة التي لم نتعود عليها إلى الآن، وللأسف الشديد أتقنها النظام الإيراني وبرع فيها وجنى ثمارها، يجب على متخذ القرار أن ينفتح على الأحرار من الإيرانيين بجميع ألوانهم وعلى مختلف درجاتهم من المعارضة سواء أكانت سياسية أو فكرية أو دينية. أرى أن عملاً ذكياً سيحدث بلا شك زلزالاً في كيان هذا النظام الفاسد الذي يحكمنا بالنار والحديد منذ يقارب 4 عقود، ورغم كل تدخلاته السافرة في دول الجوار عبر أذرعه ووكلائه أو مباشرة في العراق وسوريا ولبنان إلا أنه لا يزال يأمن كيدكم ويتصرف كأنه لن يأتيه شيء من قبلكم.* معارض إيراني مقيم في لندن