يُعد يوم 14 فبراير من كل عام مناسبة عزيزة على قلوبنا إذ يصادف إقرار ميثاق العمل الوطني، الذي ستتذكره الأجيال القادمة بإعزاز وإكبار جيلاً بعد جيل. ومن المعلوم تمر على الأمم والشعوب حوادث لا تنسى يكتب لها الخلود وهذا ما تحقق للشعب البحريني عند التصويت على وثيقته الوطنية، لذلك يُعتبر يوماً استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لما تحويه هذه الوثيقة من مبادئ عامة وأفكار رئيسة أسست لتحديث سلطة الدولة ومؤسساتها، تنفيذاً لرغبة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، وتطلعات شعب البحرين إذ تمخضت عن تلك الوثيقة تغيرات جذرية في منهج العمل والأداء بالدولة.ميثاق العمل الوطني في سطورإن مبعث البناء لبحرين المستقبل هي ثوابت ميثاق العمل الوطني التي ترجمت تطلعات المواطن إلى واقع تحصنه تشريعات وقوانين عبر التعديلات الدستورية. هذا إلى جانب انتقال التشريعات المتعلقة بالحقوق السياسية والاجتماعية والحريات إلى واقع ملموس، والتأكيد على دولة المؤسسات وسيادة القانون والأمن والحريات والتضامن الاجتماعي والحريات الشخصية، ومبدأ المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات والكرامة الإنسانية.كل تلك الدعامات التي أرساها الميثاق مهدت للتحول على الأرض بمشاركة الجمعيات السياسية بالحياة البرلمانية، والحقوقية في الرصد والتوثيق للحياة الاجتماعية، والمهنية التي كانت ثمارها بروز نقابات عمالية ومهنية أخذت على عاتقها مراقبة وتطوير العمل المهني علاوة على ذلك مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في إعداد التقارير الدورية للدولة، وعليه شكل ميثاق العمل الوطني دليلاً قاطعاً على رعاية وضمان احترام حقوق الإنسان من لدن جلالة الملك المفدى وإتاحة الفرصة لكل المواطنين للإسهام في صياغة مستقبلهم.المواطنة المواطنة هي شعور المواطن بعمق التضامن بين أفراد المجتمع ضمن منظومة من القيم والعلاقات الاجتماعية والقانون، بصون تلك القوانين والحفاظ على كل ما تحقق وفي مقدمتها الحفاظ على المكتسبات الدستورية التي تحققت ووحدت الوطن وعدم تجيير تلك القوانين في غير موقعها، وأن تكون مشاركته في البناء على أسس المجتمع الواحد بعيدة عن المكاسب الحزبية أو الطائفية وإن كان ممثلا للشعب عبر البرلمان أوصلته كتلة حزبية. كما يشكل مفهوم المواطنة الأرضية العملية لبناء الديمقراطية وهي الحماية الحقيقية لمكونات المجتمع لأنها تسمو بقيم الإنسانية المتمثلة في العدالة والمساواة والتسامح ونبذ العنف وإذكاء الطائفية المقيتة. إلى من يهمه الأمر كثير منا يسأل لماذا يتم استهداف يوم ميثاق العمل الوطني من كل عام حتى قبل الأحداث المؤسفة التي مرت على البحرين في فبراير 2011؟ هذا يعود بنا لما ذكرناه سابقاً أن الأمم والشعوب تمر عليها حوادث لا تنسى، يكتب لها الخلود وهذا ما تحقق للشعب البحريني منذ التصويت على تلك الوثيقة الوطنية بنسبة ساحقة 98.4 ? وبنسبة مشاركة فاقت 90.2 ?، إذ بينت تلك المشاركة بما لا يدعو مجالاً للشك إصرار المواطن على المشاركة في رسم مستقبله. كما إن مفهوم المواطنة التي يتغنى بها البعض لا تتمثل في المفهوم نفسه فقط بل كذلك هي سلوك، فلا يوجد أي شخص ينتمي للإنسان يدعي المواطنة رغم إقراره وتبريره للتخريب والإرهاب والتعدي على حرية الآخرين. وتنمية الحس الوطني ليس برفع الشعارات الوطنية ولكن بنبذ الأعمال التخريبية وعدم تبريرها أو تسويقها. إن احترام السلطة القضائية وصون القوانين التشريعية هي سمة من سمات التنشئة السياسية بحس وطني، كما تعتبر ثقافة حقوق الإنسان من أهم مقومات بناء المجتمع الديمقراطي لضمان حق المواطن في حدود الوطن، شريطة أن تكون بعيدة عن التحزب والطائفية المقيتة.