الكثير من المواطنين في مملكة البحرين ينتقدون أداء النواب، بينما الأمر الطبيعي جداً كما هو الحاصل في كل دول العالم المتقدم، هو أن يقوم الناخب بإعطاء صوته للنائب الذي يمثله وكفى الله المؤمنين القتال، بينما الذي يحصل هنا، هو أن المواطن يعطي صوته لنائبه لكنه يظل في مراقبة لأدائه ومتابعة كل سلوكياته من أجل توجيه اللوم والنقد له ولو بصورة جارحة، ومن هذا المنطلق نطرح السؤال التالي، أين يقع الخلل في هذه الحالات المتكررة بعد كل انتخابات نيابية، هل في النائب أم في المواطن الذي أعطاه صوته؟المشكلة حسب تصورنا يتحملها كل من المواطن والنائب على حدٍّ سواء، فخطأ المواطن يكمن في الطريقة الخاطئة في اختياره للنائب الذي يمثله، فمعايير الاختيار عنده لا ترتقي للمستوى الذي يجب أن يختار الإنسان من يمثله ويصدح بصوته ومطالبه المشروعة، إذ إن غالبية الناخبين يعطون أصواتهم لمن يمثلهم بطريقة عاطفية أو قبلية أو أسرية أو مذهبية أو ما شاكل، من دون الوقوف والتركيز الدقيق على مدى الإمكانات العلمية والعملية والمهارات الشخصية التي يتمتع بها المترشح مع بداية الانتخابات، بل يكون قوام الاختيار عند غالبية المواطنين هو الانتماء الديني أو السياسي البحت، دون أن يكون للمؤهلات الأخرى أية قيمة تُذكر، مما يعقد مهمة المواطن في استرجاع حقوقه بالطرق القانونية بعد ذلك، فيجعله يراقب أداء النائب طيلة فترة بقائه داخل المجلس، وفي أحايين كثيرة تؤدي هذه العملية إلى حالة من التوتر بين الطرفين، وأحياناً أخرى تؤدي إلى التصادم والتنافر.أمَّا خطأ المترشحين من النواب، فهي عدم امتلاكهم الكفاءة العلمية المناسبة ليكونوا في هذا المنصب الحساس. ففي الدول المتطورة، هنالك الكثير من الاشتراطات المهمة جداً، تلك التي يجب أن تتوفر في المترشح لمجلس النواب، بينما هنا، يكتفي القانون أن يكون المترشح من الذين يعرفون القراءة والكتابة فقط. في الدول المتطورة كذلك يجب أن يمتلك المترشح خصائص ومميزات أجنبية أخرى تضاف لخصائص شخصيته، كأن يمتلك عدة من المستشارين القانونيين والماليين والإعلاميين وغيرهم، حتى يكونوا في مجال عمله النيابي وبالنسبة إليه مرجعاً حقيقياً في استشاراته قبل كل جلسة للمجلس، حتى لا يتحول العمل النيابي إلى مجرد روتين بارد وممل، أو ينقلب إلى شكلٍ من أشكال الدوام الرسمي فقط، دون عطاء أو تميز، وهذا الذي يجعل من النائب عندنا موظفاً لا يشعر بقيمة الأداء والوقت وهموم الناس.حتى لا تتكرر الشكاوى الموسمية بعد كل انتخابات قادمة، يجب على الدولة أن تقوي من اشتراطات الانتخابات الخاصة بالمترشح والتركيز على مؤهلاته العلمية ومدى إمكاناته الاستشارية وغيرها من المواصفات المهمة لهذه المهمة الصعبة، كما يجب توعية الجمهور بضرورة أن يكون بحجم المسؤولية عند الانتخاب، وعند ذلك لن يكون لأي من هذا الطرف أو ذاك أي عذر في التفاعل مع قضايا الوطن وهموم المواطنين.
Opinion
تصحيح الرؤى الرسمية الشعبية للانتخابات القادمة
17 فبراير 2016