نعم من حق البحرين أن تفتخر وتحتفي بيوم الرابع عشر من فبراير من كل عام، ففي مثل هذا التاريخ وتحديداً في العام 2001، صوت شعب البحرين في استفتاء تاريخي وبأغلبية ساحقة بنسبة 98.4 % بالموافقة على ميثاق العمل الوطني.يمثل الميثاق نقلة نوعية للبحرين ومنعطفاً جديداً في ممارسة الحقوق والحريات.وباستقراء نصوص ميثاق العمل الوطني نجد أنه قد أصل جملة من القيم والمبادئ التي تعد – وبحق – وثيقة حقوقية بامتياز ومرجعاً لجميع سلطات الدولة بجانب الوثيقة الدستورية.فقد أكد في الفصل الأول منه على مقوماتٍ أساسية يسير عليها المجتمع البحريني وتدعم تطلعاته، وتتسق في الوقت ذاته مع المواثيق الحقوقية الدولية.من بين تلك القيم التي أوردها الميثاق هي كفالة الحريات الشخصية، والمساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات، ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.كما كرس عدة ضمانات للحرية الإنسانية، كضمانة عدم جواز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق القانون وتحت رقابة القضاء.وأكد الميثاق أيضاً على عدم جواز تعريض أي إنسان لأي نوع من أنواع التعذيب المادي أو المعنوي أو لأية معاملة غير إنسانية أو مهنية أو ماسة بالكرامة، كما أكد على مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته بموجب محاكمة عادلة تتوافر فيها كافة الضمانات.كما أن حق التعبير عن الرأي كان من جملة المقومات الأساسية للمجتمع التي أوردها الميثاق. أما الفصل الثاني منه، فقد تصدى للجوانب الرئيسية التي يقوم عليها نظام الحكم، منها أن الشعب هو مصدر السلطات الثلاث «التشريعية- التنفيذية –القضائية»، ومبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، وحق الشعب بالمشاركة في الشؤون العامة.وتناولت نصوص الميثاق أيضاً الأسس الاقتصادية التي تقوم عليها البلاد، منها مبدأ الحرية الاقتصادية ويتفرع منه حرية رأس المال في الاستثمار والتنقل.أما على الصعيد الخارجي، ومن منطلق وحدة الهدف والمصير والمصلحة المشتركة لشعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فقد أولى الميثاق أهمية قصوى في هذا الجانب، وأكد على سعي الدولة الحثيث لدعم مجلس التعاون في شتى المجالات وعلى مختلف الأصعدة.بناء على ما تقدم، يتضح بجلاء أن ميثاق العمل الوطني قد أرسى معالم دولة المؤسسات والقانون، وأولى الحقوق والحريات النصيب الأوفر منها، فهو بحق وثيقة حقوقية بحرينية بامتياز.* باحث دكتوراه في القانون العام